وَالْعَذَابُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُوَ الْحَدُّ. وَذَلِكَ النِّصْفُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ عَذَابًا لِمَنْ أَتَى بِالْفَاحِشَةِ مِنَ الْإِمَاءِ إِذَا هُنَّ أُحْصِنَّ خَمْسُونَ جَلْدَةً، وَنَفْي سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَذَلِكَ نِصْفُ عَامٍ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْحُرَّةِ إِذَا هِيَ أَتَتْ بِفَاحِشَةٍ قَبْلَ الْإِحْصَانِ بِالزَّوْجِ: جَلْدُ مِائَةٍ، وَنَفْيِ حَوْلٍ، فَالنِّصْفُ مِنْ ذَلِكَ خَمْسُونَ جَلْدَةً، وَنَفْي نِصْفِ سَنَةٍ، وَذَلِكَ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ عَذَابًا لِلْإِمَاءِ الْمُحْصَنَاتِ إِذَا هُنَّ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ. كَمَا:
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، ثني مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ [النساء: ٢٥] "
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ [النساء: ٢٥] خَمْسُونَ جَلْدَةً، وَلَا نَفْيَ وَلَا رَجْمَ " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ [النساء: ٢٥] وَهَلْ يَكُونُ الْجَلْدُ عَلَى أَحَدٍ؟ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ فَلَازِمُ أَبْدَانِهِنَّ أَنْ تُجْلَدَ نِصْفَ مَا يَلْزَمُ أَبْدَانَ الْمُحْصَنَاتِ، كَمَا يُقَالَ: عَلَيَّ صَلَاةُ يَوْمٍ، بِمَعْنَى: لَازِمٌ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ صَلَاةَ يَوْمٍ، وَعَلَيَّ الْحَجُّ وَالصِّيَامُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِمَعْنَى لَازِمٌ لَهُ إِمْكَانُ نَفْسِهِ مِنَ الْحَدِّ لِيُقَامَ عَلَيْهِ