حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا سِمَاكٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَايَعَ رَجُلًا ثُمَّ قَالَ لَهُ: «اخْتَرْ» فَقَالَ: قَدِ اخْتَرْتُ، فَقَالَ: «هَكَذَا الْبَيْعُ» قَالُوا: فَالتَّجَارَةُ عَنْ تَرَاضٍ هُوَ مَا كَانَ عَلَى بَيِّنَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَخْيِيرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ فِي إِمْضَاءِ الْبَيْعِ فِيمَا يَتَبَايَعَانِهِ بَيْنَهُمَا، أَوْ نَقْضِهِ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ بَيْنَهُمَا وَقَبْلَ الِافْتِرَاقِ، أَوْ مَا تَفَرَّقَا عَنْهُ بِأَبْدَانِهِمَا، عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا بَعْدَ مُوَاجَبَةِ الْبَيْعِ فِيهِ عَنْ مَجْلِسِهِمَا، فَمَا كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ التِّجَارَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمَا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ التَّرَاضِي فِي التِّجَارَةِ يُوجِبُ عَقْدَ الْبَيْعِ فِيمَا تَبَايَعَهُ الْمُتَبَايعَانِ بَيْنَهُمَا عَنْ رِضًا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا مَلَكَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَمَلَكَ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ، افْتَرَقَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَفْتَرِقَا، تَخَايَرَا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ لَمْ يَتَخَايَرَا فِيهِ بَعْدَ عَقْدِهِ. وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ: أَنَّ الْبَيْعَ إِنَّمَا هُوَ بِالْقَوْلِ، كَمَا أَنَّ النِّكَاحَ بِالْقَوْلِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْإِجْبَارِ فِي النِّكَاحِ لِأَحَدِ الْمُتَنَاكِحَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ، افْتَرَقَا أَوْ لَمْ يَفْتَرِقَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا الَّذِي جَرَى ذَلِكَ فِيهِ. قَالُوا: فَكَذَلِكَ حُكْمُ الْبَيْعِ. وَتَأَوَّلُوا قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» عَلَى أَنَّهُ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِالْقَوْلِ. وَمِمَّنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ. -[٦٣٦]- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ التِّجَارَةَ الَّتِي هِيَ عَنْ تَرَاضٍ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ: مَا تَفَرَّقَ الْمُتَبَايعَانِ عَلَى الْمَجْلِسِ الَّذِي تَوَاجَبَا فِيهِ بَيْنَهُمَا عُقْدَةَ الْبَيْعِ بِأَبْدَانِهِمَا، عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا، وَعَنْ تَخْيِيرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ؛ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا