حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩] قَالَ: " بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً عَلَيْهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَفِيهَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَسَارُوا قِبَلَ الْقَوْمِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ، فَلَمَّا بَلَغُوا قَرِيبًا مِنْهُمْ عَرَّسُوا، وَأَتَاهُمْ ذُو الْعُيَيْنَتَيْنِ، فَأَخْبَرَهُمْ فَأَصْبَحُوا وَقَدْ هَرَبُوا غَيْرَ رَجُلٍ أَمَرَ أَهْلَهُ، فَجَمَعُوا مَتَاعَهُمْ. ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، حَتَّى أَتَى عَسْكَرَ خَالِدٍ، فَسَأَلَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرِ فَأَتَاهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَشَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِنَّ قَوْمِي لَمَّا سَمِعُوا بِكُمْ هَرَبُوا، وَإِنِّي بَقِيتُ فَهَلْ إِسْلَامِي نَافِعِي غَدًا وَإِلَّا هَرَبْتُ؟ قَالَ عَمَّارٌ: بَلْ هُوَ يَنْفَعُكَ فَأَقِمْ. فأَقَامَ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا أَغَارَ خَالِدٌ، فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا غَيْرَ الرَّجُلِ، فَأَخَذَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ، فَبَلَغَ عَمَّارًا الْخَبَرُ، فَأَتَى خَالِدًا فَقَالَ: خَلِّ عَنِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ، وَهُوَ فِي أَمَانٍ مِنِّي. فَقَالَ خَالِدٌ: وَفِيمَ أَنْتَ تُجِيرُ؟ فَاسْتَبَّا وَارْتَفَعَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَجَازَ أَمَانَ عَمَّارٍ وَنَهَاهُ أَنْ يُجِيرَ الثَّانِيَةَ عَلَى أَمِيرٍ. فَاسْتَبَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ خَالِدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَتْرُكُ هَذَا الْعَبْدَ الْأَجْدَعَ يَسُبُّنِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا خَالِدُ لَا تَسُبَّ عَمَّارًا، فَإِنَّهُ مَنْ سَبَّ عَمَّارًا سَبَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَبْغَضَ عَمَّارًا أَبْغَضَهُ اللَّهُ، وَمَنْ لَعَنَ عَمَّارًا لَعَنَهُ اللَّهُ». فغَضِبَ عَمَّارٌ، فَقَامَ فَتَبِعَهُ خَالِدٌ حَتَّى أَخَذَ بِثَوْبِهِ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَرَضِيَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ -[١٧٩]- مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩] وَقَالَ آخَرُونَ: هُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ