ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥] قَالَ: «هَذَا الرَّجُلُ الْيَهُودِيُّ وَالرَّجُلُ الْمُسْلِمُ اللَّذَانِ تَحَاكَمَا إِلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: إِلَى الْكَاهِنِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ، أَعْنِي قَوْلَ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِهِ الْمُحْتَكِمَانِ إِلَى الطَّاغُوتِ اللَّذَانِ وَصَفَ اللَّهُ شَأْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [النساء: ٦٠] أَوْلَى بِالصَّوَابِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء: ٦٥] فِي سِيَاقِ قِصَّةِ الَّذِينَ ابْتَدَأَ اللَّهُ الْخَبَرَ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ [النساء: ٦٠] وَلَا دَلَالَةَ تَدُلُّ عَلَى انْقِطَاعِ قِصَّتِهِمْ، فَإِلْحَاقُ بَعْضِ ذَلِكَ بِبَعْضٍ مَا لَمْ تَأْتِ دَلَالَةٌ عَلَى -[٢٠٥]- انْقِطَاعِهِ أَوْلَى فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ فِي الَّذِي رُوِيَ عَنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ مِنْ قِصَّتِهِ وَقِصَّةِ الْأَنْصَارِيِّ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ، وَقَوْلِ مَنْ قَالَ فِي خَبَرِهِمَا، فَنَزَلَتْ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء: ٦٥] مَا يُنْبِئُ عَنِ انْقِطَاعِ حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ وَقِصَّتِهَا مِنْ قِصَّةِ الْآيَاتِ قَبْلَهَا، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ الْمُحْتَكِمَيْنِ إِلَى الطَّاغُوتِ، وَيَكُونُ فِيهَا بَيَانُ مَا احْتَكَمَ فِيهِ الزُّبَيْرُ وَصَاحِبُهُ الْأَنْصَارِيُّ، إِذْ كَانَتِ الْآيَةُ دَالَّةً عَلَى ذَلِكَ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مُسْتَحِيلٍ، كَانَ إِلْحَاقُ مَعْنَى بَعْضِ ذَلِكَ بِبَعْضٍ أَوْلَى مَا دَامَ الْكَلَامُ مُتَّسِقَةٌ مَعَانِيهِ عَلَى سِيَاقٍ وَاحِدٍ، إِلَّا أَنْ تَأْتِيَ دَلَالَةٌ عَلَى انْقِطَاعِ بَعْضِ ذَلِكَ مِنْ بَعْضٍ، فَيُعْدَلُ بِهِ عَنْ مَعْنَى مَا قَبْلَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَيُسَلِّمُوا﴾ [النساء: ٦٥] فَإِنَّهُ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٦٥] وَقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٦٥] نُصِبَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء: ٦٥]