حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: " كَانَتِ الدِّيَةُ تَرْتَفِعُ وَتَنْخَفِضُ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ، فَخَشِيَ عُمَرُ مِنْ بَعْدِهِ، فَجَعَلَهَا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ وَأَمَّا الَّذِينَ أَوْجَبُوهَا فِي كُلِّ زَمَانٍ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ ذَهَبًا أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالُوا: ذَلِكَ فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ، كَمَا فَرَضَ الْإِبِلَ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ. قَالُوا: وَفِي إِجْمَاعِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ فِي كُلِّ عَصْرٍ، وَزَمَانٍ إِلَّا مَنْ شَذَّ عَنْهُمْ، عَلَى أَنَّهَا لَا تُزَادُ عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ وَلَا تَنْقُصُ عَنْهَا، أَوْضَحُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهَا الْوَاجِبَةُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وُجُوبَ الْإِبِلِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةً -[٣٢٩]- لِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ لَاخْتَلَفَ ذَلِكَ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ لِتَغَيُّرِ أَسْعَارِ الْإِبِلِ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْحَقُّ فِي ذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ إِجْمَاعِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مِنَ الْوَرِقِ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ عِنْدَنَا، فَاثْنَا عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْعِلَلَ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا «كِتَابٌ لَطِيفُ الْقَوْلِ فِي أَحْكَامِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ» وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ مِنَ الْوَرِقِ عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَأَمَّا دِيَةُ الْمُعَاهِدِ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِهِ مِيثَاقٌ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي مَبْلَغِهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: دِيَتُهُ وَدِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ سَوَاءٌ