تُرَابًا} [النبأ: ٤٠] فَأَخْبَرَ اللَّهُ، عَنْهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ أَنْ كَانُوا تُرَابًا، وَلَمْ يُخْبِرْ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ﴾ [النساء: ٤٢]، فَيُسَوَّوْا هُمْ، وَهِيَ أَعْجَبُ إِلَيَّ لِيُوَافِقَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا﴾ [النبأ: ٤٠]. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢] فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ تَأَوَّلُوهُ، بِمَعْنَى: وَلَا تَكْتُمُ اللَّهَ جَوَارِحُهُمْ حَدِيثًا وَإِنْ جَحَدَتْ ذَلِكَ أَفْوَاهُهُمْ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامٌ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: سَمِعْتُ اللَّهَ، يَقُولُ: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢] فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣] فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا أَهْلُ الْإِسْلَامِ قَالُوا: تَعَالَوْا فَلْنَجْحَدْ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ. فَخَتَمَ اللَّهُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، وَتَكَلَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ، فَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا "