الْعَدُوَّ وَقَدْ حَانَتِ الصَّلَاةُ أَنْ تُكَبِّرَ اللَّهَ وَتُخْفِضَ رَأْسَكَ إِيمَاءً رَاكِبًا كُنْتَ أَوْ مَاشِيًا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى بِالْقَصْرِ فِيهَا الْقَصْرَ مِنْ حُدُودِهَا، وَذَلِكَ تَرْكُ إِتْمَامِ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا، وَإِبَاحَةُ أَدَائِهَا كَيْفَ أَمْكَنَ أَدَاؤُهَا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فِيهَا وَمُسْتَدِبْرَهَا وَرَاكِبًا وَمَاشِيًا، وَذَلِكَ فِي حَالِ الشَّبْكَةِ وَالْمُسَايَفَةِ وَالْتِحَامِ الْحَرْبِ وَتَزَاحُفِ الصُّفُوفِ، وَهِيَ الْحَالَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩] وَأَذِنَ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فِيهَا رَاكِبًا إِيمَاءً بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى نَحْوِ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ تَأْوِيلِهِ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَاتِ بِقَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [النساء: ١٠١] لِدَلَالَةِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [النساء: ١٠٣] عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إِقَامَتَهَا إِتْمَامُ حُدُودِهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَسَائِرِ فُرُوضِهَا دُونَ الزِّيَادَةِ فِي عَدَدِهَا الَّتِي لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً فِي حَالِ الْخَوْفِ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ بِإِتْمَامِ عَدَدِهَا الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فِي حَالِ الْأَمْنِ بَعْدَ زَوَالِ الْخَوْفِ، فَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُسَافِرُ فِي حَالِ قَصْرِهِ صَلَاتَهُ عَنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ غَيْرَ مُقِيمٍ صَلَاتَهُ لِنَقْصِ عَدَدِ صَلَاتِهِ مِنَ الْأَرْبَعِ اللَّازِمَةِ