إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا إِلَّا مِمَّنْ وَحَّدَهُ، فَيَقُولُونَ: تَعَالَوْا نَجْحَدْ. فيَسْأَلُهُمْ، فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ قَالَ فَيَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، وَيَسْتَنْطِقُ جَوَارِحَهُمْ، فَتَشْهَدُ عَلَيْهِمْ جَوَارِحُهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا مُشْرِكِينَ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَمَنَّوْا لَوْ أَنَّ الْأَرْضَ سُوِّيَتْ بِهِمْ، وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا "
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي: ثني عَمِّي قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢] يَعْنِي: «أَنْ تُسَوَّى الْأَرْضُ بِالْجِبَالِ عَلَيْهِمْ» فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَمْ يَكْتُمُوا اللَّهَ حَدِيثًا. كَأَنَّهُمْ تَمَنَّوْا أَنَّهُمْ سُوُّوا مَعَ الْأَرْضِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا كَتَمُوا اللَّهَ حَدِيثًا وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ يَوْمَئِذٍ لَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا، وَيَوَدُّونَ لَوْ تُسَوَّى -[٤٥]- بِهِمُ الْأَرْضَ. ولَيْسَ بِمُنْكَتِمٍ عَنِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ مِنْ حَدِيثِهِمْ، لِعِلْمِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ بِجَمِيعِ حَدِيثِهِمْ وَأَمْرِهِمْ، فَإِنَّهُمْ إِنْ كَتَمُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ فَجَحَدُوهُ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ "