مَرْضَاةِ اللَّهِ} يَقُولُ: " وَمَنْ يَأْمُرْ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ مِنَ الْأَمْرِ، أَوْ يَصْلُحْ بَيْنَ النَّاسِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ، يَعْنِي طَلَبَ رِضَا اللَّهِ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ ﴿فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٧٤] يَقُولُ: " فَسَوْفَ نُعْطِيهِ جَزَاءً لِمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ عَظِيمًا، وَلَا حَدَّ لِمَبْلَغِ مَا سَمَّى اللَّهُ عَظِيمًا يَعْلَمُهُ سِوَاهُ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ﴾ [النساء: ١١٤] فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا فِي نَجْوَى مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ. كأَنَّهُ عَطَفَ ﴿مَنْ﴾ [البقرة: ٤] عَلَى الْهَاءِ وَالْمِيمِ الَّتِي فِي ﴿نَجْوَاهُمْ﴾ [النساء: ١١٤] وَذَلِكَ خَطَأٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّ إِلَّا لَا تَعْطِفُ عَلَى الْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَنَلْهُ الْجَحْدُ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: قَدْ تَكُونُ ﴿مِنْ﴾ [البقرة: ٤] فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ وَنَصْبٍ؛ وَأَمَّا الْخَفْضُ فَعَلَى قَوْلِكَ: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ﴾ [النساء: ١١٤] إِلَّا فِيمَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ، فَتَكُونُ النَّجْوَى عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ هُمُ الرِّجَالُ الْمُنَاجُونَ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ﴾ [المجادلة: ٧] وَكَمَا قَالَ: ﴿وَإِذْ هُمْ نَجْوَى﴾ [الإسراء: ٤٧] وَأَمَّا النَّصَبُ، فَعَلَى أَنْ تَجْعَلَ النَّجْوَى فِعْلًا فَيَكُونَ نَصْبًا؛ لِأنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا، لِأَنَّهُ مِنْ خِلَافِ النَّجْوَى، فَيَكُونُ