حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، وَزَيْدُ بْنُ أَخْرَمَ، قَالَا: ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَشِيَتْ سَوْدَةُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: لَا تُطَلِّقْنِي عَلَى نِسَائِكَ، وَلَا تَقْسِمْ لِي. ففَعَلَ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ [النساء: ١٢٨] " وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: (أَنْ يَصَّالَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا) فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ، بِمَعْنَى: أَنْ يَتَصَالَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا، ثُمَّ أُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الصَّادِ فَصُيِّرَتَا صَادًا مُشَدَّدَةً. وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: ﴿أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾ [النساء: ١٢٨] بِضَمِّ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِ الصَّادِ، بِمَعْنَى: أَصْلَحَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ بَيْنَهَا. وَأَعْجَبُ الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ إِلَيَّ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: (إِلَّا أَنْ يَصَّالَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ، بِمَعْنَى: يَتَصَالَحَا، لِأَنَّ التَّصَالُحَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَشْهُرُ وَأَوْضَحُ مَعْنًى وَأَفْصَحُ وَأَكْثَرُ عَلَى أَلسُنِ الْعَرَبِ مِنَ الْإِصْلَاحِ، وَالْإِصْلَاحُ فِي -[٥٦١]- خِلَافِ الْإِفْسَادِ أَشْهُرُ مِنْهُ فِي مَعْنَى التَّصَالُحِ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: ﴿صُلْحًا﴾ [النساء: ١٢٨] دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ: ﴿يُصْلِحَا﴾ [النساء: ١٢٨] بِضَمِّ الْيَاءِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا ظَنَّ، وَذَلِكَ أَنَّ الصُّلْحَ اسْمٌ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي قَوْلِهِ: ﴿يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا﴾ [النساء: ١٢٨]