حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿شُبِّهَ لَهُمْ﴾ [النساء: ١٥٧] قَالَ: «صَلَبُوا رَجُلًا غَيْرَ عِيسَى يَحْسَبُونَهُ إِيَّاهُ» حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾ [النساء: ١٥٧] فَذَكَرَ مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «صَلَبُوا رَجُلًا شَبَّهُوهُ بِعِيسَى يَحْسَبُونَهُ إِيَّاهُ، وَرَفَعَ اللَّهُ إِلَيْهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيًّا» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، مِنْ أَنَّ شَبَهَ عِيسَى أُلْقِيَ عَلَى جَمِيعِ مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ مَعَ عِيسَى حِينَ أُحِيطَ بِهِ وَبِهِمْ، مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةِ عِيسَى إِيَّاهُمْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لِيُخْزِيَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَهُودَ وَيُنْقِذَ بِهِ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ مَكْرُوهٍ مَا أَرَادُوا بِهِ مِنَ الْقَتْلِ، وَيَبْتَلِيَ بِهِ مَنْ أَرَادَ ابْتِلَاءَهُ مِنْ عِبَادِهِ فِي قِيلِهِ فِي عِيسَى وَصِدْقِ الْخَبَرِ عَنْ أَمْرِهِ. أَوِ الْقَوْلِ الَّذِي رَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْهُ. -[٦٥٩]- وَإِنَّمَا قُلْنَا: ذَلِكَ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ، لِأَنَّ الَّذِينَ شَهِدُوا عِيسَى مِنَ الْحَوَارِيِّينَ لَوْ كَانُوا فِي حَالِ مَا رُفِعَ عِيسَى، وَأُلْقِي شَبَهُهُ عَلَى مَنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهُهُ، كَانُوا قَدْ عَايَنُوا عِيسَى وَهُوَ يُرْفَعُ مِنْ بَيْنِهِمْ، وَأَثْبَتُوا الَّذِي أُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهَهُ، وَعَايَنُوهُ مُتَحَوِّلًا فِي صُورَتِهِ بَعْدَ الَّذِي كَانَ بِهِ مِنْ صُورَةِ نَفْسِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْهُمْ، لَمْ يَخْفَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ عِيسَى، وَأَمْرِ مِنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهُهُ عَلَيْهِمْ مَعَ مُعَايَنَتِهِمْ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَلَمْ يَلْتَبِسْ وَلَمْ يُشْكَلْ عَلَيْهِمْ وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ مِنَ الْيَهُودِ أَنَّ الْمَقْتُولَ وَالْمَصْلُوبَ كَانَ غَيْرَ عِيسَى، وَأَنَّ عِيسَى رُفِعَ مِنْ بَيْنِهِمْ حَيًّا. وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أُشْكِلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ سَمِعُوا مِنْ عِيسَى مَقَالَتَهُ: مَنْ يُلْقَى عَلَيْهِ شَبَهِي وَيَكُونُ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ؟ إِنْ كَانَ قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَسَمِعُوا جَوَابَ مُجِيبِهِ مِنْهُمْ: أَنَا، وَعَايَنُوا تَحَوُّلَ الْمُجِيبِ فِي صُورَةِ عِيسَى بِعَقِبِ جَوَابِهِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ كَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى نَحْوِ مَا وَصَفَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عِيسَى فِي الْبَيْتِ الَّذِي رُفِعَ مِنْهُ مِنْ حَوَارِيِّهِ حَوَّلَهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فِي صُورَةِ عِيسَى حِينَ أَرَادَ اللَّهُ رَفْعَهُ، فَلَمْ يُثْبِتُوا عِيسَى مَعْرِفَةً بِعَيْنِهِ مِنْ غَيْرِهِ لِتَشَابُهِ صُوَرِ جَمِيعِهِمْ، فَقَتَلِتِ الْيَهُودُ مِنْهُمْ مَنْ قَتَلَتْ وَهُمْ يَرَوْنَهُ بِصُورَةِ عِيسَى وَيَحْسَبُونَهُ إِيَّاهُ، لَأَنَّهُمْ كَانُوا بِهِ عَارِفِينَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَظَنَّ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْبَيْتِ مَعَ عِيسَى مِثْلَ الَّذِي ظَنَّتِ الْيَهُودُ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُمَيِّزُوا شَخَصَ عِيسَى مِنْ شَخْصِ غَيْرِهِ لِتَشَابُهِ شَخْصِهِ وَشَخْصِ غَيْرِهِ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْبَيْتِ، فَاتَّفَقُوا جَمِيعُهُمْ، أَعْنِي الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَقْتُولَ كَانَ عِيسَى، وَلَمْ يَكُنْ بِهِ، وَلَكِنَّهُ شُبِّهَ لَهُمْ، كَمَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾ [النساء: ١٥٧].


الصفحة التالية