أَلْفَاظِهَا، إِذْ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهَا مَا خَفَضَهَا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الرجز]

لَوْ جِئْتَ بِالْخُبْزِ لَهُ مُنَشَّرًا وَالْبَيْضَ مَطْبُوخًا مَعًا وَالسُّكَّرَا
لَمْ يُرْضِهِ ذَلِكَ حَتَّى يَسْكَرَا
وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَصَبَ الرُّسُلَ، لِتَعَلُّقِ الْوَاوِ بِالْفِعْلِ بِمَعْنَى: وَقَصَصْنَا رُسُلًا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [الإنسان: ٣١] وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ: «وَرُسُلٌ قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلٌ لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ» فَرُفِعَ ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ بِعَائِدِ الذِّكْرِ فِي قَوْلِهِ: ﴿قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ﴾ [النساء: ١٦٤] وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: ١٦٤] فَإِنَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَخَاطَبَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ مُوسَى خِطَابًا. وَقَدْ:
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثنا نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَسُئِلَ: " كَيْفَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا؟ فَقَالَ: مُشَافَهَةً "
وَقَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ مُبَارَكٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَيُونُسَ، -[٦٩٠]- عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَزْءُ بْنُ جَابِرٍ الْخَثْعَمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبًا، يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمَّا كَلَّمَ مُوسَى كَلَّمَهُ بِالْأَلْسِنَةِ كُلِّهَا قَبْلَ كَلَامِهِ، يَعْنِي كَلَامَ مُوسَى، فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا رَبِّ لَا أَفْهَمُ. حَتَّى كَلَّمَهُ بِلِسَانِهِ آخِرَ الْأَلْسِنَةِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ هَكَذَا كَلَامُكَ؟ قَالَ: لَا، وَلَوْ سَمِعْتَ كَلَامِيَ، أَيْ عَلَى وَجْهِهِ، لَمْ تَكُ شَيْئًا. قَالَ ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: وَزَادَنِي أَبُو بَكْرٍ الصَّغَانِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ مُوسَى قَالَ: يَا رَبِّ هَلْ فِي خَلْقِكَ شَيْءٌ يُشْبِهُ كَلَامَكَ؟ قَالَ: لَا، وَأَقْرَبُ خَلْقِي شَبَهًا بِكَلَامِي، أَشَدُّ مَا تَسْمَعُ النَّاسُ مِنَ الصَّوَاعِقِ "


الصفحة التالية
Icon