وَقَدْ نَهَى اللَّهُ الْجُنُبَ أَنْ يَقْرَبَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مُجْتَازًا فِيهِ حَتَّى يَغْتَسِلَ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ بِالتَّيَمُّمِ. قَالُوا: وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] أَوْ لَامَسْتُمُوهُنَّ بِالْيَدِ دُونَ الْفَرْجِ وَدُونَ الْجِمَاعِ. قَالُوا: فَلَمْ نَجِدِ اللَّهَ رَخَّصَ لِلْجُنُبِ فِي التَّيَمُّمِ، بَلْ أَمَرَهُ بِالْغُسْلِ، وَأَنْ لَا يَقْرَبَ الصَّلَاةَ إِلَّا مُغْتَسِلًا. قَالُوا: وَالتَّيَمُّمِ لَا يُطَهِّرُهُ لِصَلَاتِهِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو السَّائِبِ، قَالَا: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا أَيَتَيَمَّمُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يَتَيَمَّمُ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣] فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكُوا إِذَا بَرُدَ عَلَيْهِمُ الْمَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا بِالصَّعِيدِ. فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: إِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ أَبُو مُوسَى: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ: بَعَثني رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، فَأَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا» وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَمَسَحَ كَفَّيْهِ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ لِقَوْلِ عَمَّارٍ؟ "
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي