ثَعْلَبَةَ:
[البحر المتقارب]

ذَاتَ خَدٍّ مُنْضِجٍ مِيسَمُهُ يُذْكِرُ الْجَارِحَ مَا كَانَ اجْتَرَحْ
يَعْنِي: اكْتَسَبَ. وَتَرَكَ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ﴾ [المائدة: ٤] وَصَيْدُ مَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْكَلَامِ عَلَى مَا تُرِكَ ذِكْرُهُ. وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْمَ فِيمَا بَلَغَنَا كَانُوا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَمَرَهُمْ بِقَتْلِ الْكِلَابِ عَمَّا يَحِلُّ لَهُمُ اتِّخَاذُهُ مِنْهَا وَصَيْدُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ فِيمَا سَأَلُوا عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةَ فَاسْتَثْنَى مِمَّا كَانَ حَرَّمَ اتِّخَاذَهُ مِنْهَا، وَأَمَرَ بِقُنْيَةِ كِلَابِ الصَّيْدِ وَكِلَابِ الْمَاشِيَةِ وَكِلَابِ الْحَرْثِ، وَأَذِنَ لَهُمْ بِاتِّخَاذِ ذَلِكَ.
ذِكْرُ الْخَبَرِ بِذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ الْعُكْلِيُّ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا صَالِحٌ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سَلْمَى أُمِّ رَافِعٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُ، -[١٠١]- فَقَالَ: «قَدْ أَذِنَّا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ» قَالَ: أَجَلْ، وَلَكِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ. قَالَ أَبُو رَافِعٍ: فَأَمَرَنِي أَنْ أَقْتُلَ كُلَّ كَلْبٍ بِالْمَدِينَةِ، فَقَتَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى امْرَأَةٍ عِنْدَهَا كَلْبٌ يَنْبَحُ عَلَيْهَا، فَتَرَكْتُهُ رَحْمَةً لَهَا، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَمَرَنِي، فَرَجَعْتُ إِلَى الْكَلْبِ فَقَتَلْتُهُ، فَجَاءُوا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَحِلُّ لَنَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي أَمَرْتَ بِقَتْلِهَا؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ [المائدة: ٤] "


الصفحة التالية
Icon