حَدَّثَنَا بِهِ، هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ عَنْ صَيْدِ الْبَازِي، فَقَالَ: «مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْ» فَأَبَاحَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَيْدَ الْبَازِي وَجَعَلَهُ مِنَ الْجَوَارِحِ، فَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: عَنَى اللَّهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ﴾ [المائدة: ٤] مَا عَلَّمْنَا مِنَ الْكِلَابِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْجَوَارِحِ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ فِي قَوْلِهِ ﴿مُكَلِّبِينَ﴾ [المائدة: ٤] دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الْجَوَارِحَ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ﴾ [المائدة: ٤] هِيَ الْكِلَابُ خَاصَّةً، فَقَدْ ظَنَّ غَيْرَ الصَّوَابِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ فِي حَالِ مَصِيرِكُمْ -[١٠٧]- أَصْحَابَ كِلَابٍ الطَّيِّبَاتِ وَصَيْدِ مَا عَلَّمْتُمُوهُ الصَّيْدَ مِنْ كَوَاسِبِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ. فَقَوْلُهُ: ﴿مُكَلِّبِينَ﴾ [المائدة: ٤] صِفَةٌ لِلْقَانِصِ، وَإِنْ صَادَ بِغَيْرِ الْكِلَابِ فِي بَعْضِ أَحْيَانِهِ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ الْقَائِلِ يُخَاطِبُ قَوْمًا: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ، وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ مُؤَمِّنِينَ؛ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إِنَّمَا عَنَى قَائِلُ ذَلِكَ إِخْبَارَ الْقَوْمِ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَحَلَّ لَهُمْ فِي حَالِ كَوْنِهِمْ أَهْلَ إِيمَانٍ الطَّيِّبَاتِ، وَصَيْدَ الْجَوَارِحِ الَّتِي أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُمْ مِنْهُ إِلَّا مَا صَادُوهُ بِهَا، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتِ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ [المائدة: ٤] لِذَلِكَ نَظِيرُهُ فِي أَنَّ التَّكْلِيبَ لِلْقَانِصِ بِالْكِلَابِ كَانَ صَيْدُهُ أَوْ بِغَيْرِهَا، لَا أَنَّهُ إِعْلَامٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنَ الصَّيْدِ إِلَّا مَا صَادَتْهُ الْكِلَابُ


الصفحة التالية
Icon