انْتَهُوا فِي جَمِيعِهِمْ إِلَى حَدِّي، وَاعْمَلُوا فِيهِ بِأَمْرِي. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا﴾ [المائدة: ٨] فَإِنَّهُ يَقُولُ: وَلَا يَحْمِلَنَّكُمْ عَدَاوَةُ قَوْمٍ عَلَى أَلَا تَعْدِلُوا فِي حُكْمِكُمْ فِيهِمْ وَسِيرَتِكُمْ بَيْنَهُمْ، فَتَجُورُوا عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ عَنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾ [النساء: ١٣٥] وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ﴾ [المائدة: ٢] وَاخْتِلَافِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ وَالَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنَ الْقَوْلِ فِيهِ وَالْقِرَاءَةَ بِالْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّتِهِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ هَمَّتِ الْيَهُودُ بِقَتْلِهِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٨] نَزَلَتْ فِي يَهُودِ خَيْبَرَ، أَرَادُوا قَتْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ: ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَهُودَ يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَةٍ، فَهَمُّوا أَنْ يَقْتُلُوهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ -[٢٢٤]- عَلَى أَلَا تَعْدِلُوا﴾ [المائدة: ٨] الْآيَةُ "