مَدِينَتِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا لَهُ: ﴿إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا﴾ [المائدة: ٢٤] يَعْنُونَ: إِنَّا لَنْ نَدْخُلَ مَدِينَتَهُمْ أَبَدًا. وَالْهَاءُ وَالْأَلِفُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا﴾ [المائدة: ٢٤] مِنْ ذِكْرِ الْمَدِينَةِ. ويَعْنُونَ بِقَوْلِهِمْ: ﴿أَبَدًا﴾ [البقرة: ٩٥] أَيَّامَ حَيَاتِنَا مَا دَامُوا فِيهَا، يَعْنِي: مَا كَانَ الْجَبَّارُونَ مُقِيمِينَ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ الَّتِي كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُمْ وَأُمِرُوا بِدُخُولِهَا. ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ﴾ لَا نَجِيءُ مَعَكَ يَا مُوسَى إِنْ ذَهَبْتَ إِلَيْهِمْ لِقِتَالِهِمْ، وَلَكِنْ نَتْرُكُكَ تَذْهَبْ أَنْتَ وَحْدَكَ وَرَبُّكَ فَتُقَاتِلَانِهِمْ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ فِي ذَلِكَ: لَيْسَ مَعْنَى الْكَلَامِ: اذْهَبْ أَنْتَ وَلْيَذْهَبْ مَعَكَ رَبُّكَ فَقَاتِلَا، وَلَكِنْ مَعْنَاهُ: اذْهَبْ أَنْتَ يَا مُوسَى، وَلْيُعِنْكَ رَبُّكَ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الذَّهَابُ. وَهَذَا إِنَّمَا كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى طَلَبِ الْمَخْرَجِ لَهُ لَوْ كَانَ الْخَبَرُ عَنْ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، فَأَمَّا قَوْمٌ أَهْلُ خِلَافٍ عَلَى اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَرَسُولِهِ، فَلَا وَجْهَ لِطَلَبِ الْمَخْرَجِ لِكَلَامِهِمْ فِيمَا قَالُوا فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَافْتَرَوْا عَلَيْهِ إِلَّا بِمَا يُشْبِهُ كُفْرَهُمْ وَضَلَالَتَهُمْ. وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ الْمِقْدَادِ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَ مَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، وَحَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ: أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ، قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ: ﴿اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ وَلَكِنْ نَقُولُ: «اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا، إِنَّا مَعَكُمْ مُقَاتِلُونَ»