الْمَيِّتَ ﴿فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي﴾ فَوَارَاهُ حِينَئِذٍ ﴿فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾ [المائدة: ٣١] عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ فِي قَتْلِهِ أَخَاهُ. وَكُلُّ مَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ، مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِبَنِي آدَمَ، وَحَرَّضَ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ الْيَهُودِ، الَّذِينَ كَانُوا هَمُّوا بِقَتْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَتَلَهُمْ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، إِذْ أَتَوْهُمْ يَسْتَعِينُونَهُمْ فِي دِيَةِ قَتِيلَيْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، وَعَرَّفَهُمْ جَلَّ وَعَزَّ رَدَاءَةَ سَجِيَّةِ أَوَائِلِهِمْ وَسُوءَ اسْتِقَامَتِهِمْ عَلَى مَنْهَجِ الْحَقِّ مَعَ كَثْرَةِ أَيَادِيهِ وَآلَائِهِ عِنْدَهُمْ، وَضَرَبَ مَثَلَهُمْ فِي عَدُوِّهِمْ وَمَثَلَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْوَفَاءِ لَهُمْ وَالْعَفْوِ عَنْهُمْ بِابْنَيْ آدَمَ الْمُقَرِّبِينَ قَرَابِينَهُمَا اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ. ثُمَّ ذَلِكَ مَثَلٌ لَهُمْ عَلَى التَّأَسِّي بِالْفَاضِلِ مِنْهُمَا دُونَ الطَّالِحِ، وَبِذَلِكَ جَاءَ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَمَا بَلَغَكَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ ضَرَبَ لَكُمُ ابْنَيْ آدَمَ مَثَلًا، فَخُذُوا خَيْرَهُمَا وَدَعُوا شَرَّهُمَا» ؟ قَالَ: بَلَى "
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ ابْنَيْ آدَمَ ضُرِبَا مَثَلًا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ فَخُذُوا -[٣٤٧]- بِالْخَيْرِ مِنْهُمَا»