حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: ثني أَبُو صَخْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَعَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا﴾ [المائدة: ٣٣] قَالَا: إِنْ أَخَافَ الْمُسْلِمِينَ، فَاقْتَطَعَ الْمَالَ، وَلَمْ يَسْفِكْ: قُطِعَ؛ وَإِذَا سَفَكَ دَمًا: قُتِلَ وَصُلِبَ؛ وَإِنْ جَمَعَهُمَا فَاقْتَطَعَ مَالًا وَسَفَكَ دَمًا: قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ ثُمَّ صُلِبَ. كَأَنَّ الصَّلْبَ مُثْلَةٌ، وَكَأَنَّ الْقَطْعَ ﴿السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨]، وَكَأَنَّ الْقَتْلَ. النَّفْسُ بِالنَّفْسِ. وَإِنِ امْتَنَعَ فَإِنَّ مِنَ الْحَقِّ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَطْلُبُوهُ حَتَّى يَأْخُذُوهُ فَيُقِيمُوا عَلَيْهِ حُكْمَ كِتَابِ اللَّهِ، أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ مِنْ أَرْضِ الْإِسْلَامِ إِلَى أَرْضِ الْكُفْرِ " وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ لِقَوْلِهِمْ هَذَا، بِأَنْ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَى الْقَاتِلِ الْقَوَدَ، وَعَلَى السَّارِقِ الْقَطْعَ؛ وَقَالُوا: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثِ خِلَالٍ: رَجُلٌ قَتَلَ فَقُتِلَ، وَرَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ فَرُجِمَ، وَرَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ " -[٣٧٨]- قَالُوا: فَحَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى هَذِهِ الْخِلَالِ الثَّلَاثِ، فَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ مِنْ أَجْلِ إِخَافَتِهِ السَّبِيلَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْتُلَ أَوْ يَأْخُذَ مَالًا، فَذَلِكَ تَقَدُّمٌ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِالْخِلَافِ عَلَيْهِمَا فِي الْحُكْمِ. قَالُوا: وَمَعْنَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: الْإِمَامُ فِيهِ بِالْخِيَارِ إِذَا قَتَلَ وَأَخَافَ السَّبِيلَ وَأَخَذَ الْمَالَ؛ فَهُنَالِكَ خِيَارُ الْإِمَامِ فِي قَوْلِهِمْ بَيْنَ الْقَتْلِ أَوِ الْقَتْلِ وَالصَّلْبِ، أَوْ قَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ. وَأَمَّا صَلْبُهُ بِاسْمِ الْمُحَارَبَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ قَتْلٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ، فَذَلِكَ مَا لَمْ يَقُلْهُ عَالِمٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: الْإِمَامُ فِيهِ بِالْخِيَارِ أَنْ يَفْعَلَ أَيَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ