حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعِنْدَ سَعِيدٍ رَجُلٌ يُوَقِّرُهُ، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ كَانَ أَبُوهُ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ قَالَ: ثني اللَّيْثُ، قَالَ: ثني عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: -[٤١٧]- أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ مِمَّنْ يَتْبَعُ الْعِلْمَ وَيَعِيهِ، حَدَّثَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، وَكَانُوا قَدْ أَشَارُوا فِي صَاحِبٍ لَهُمْ زَنَى بَعْدَ مَا أُحْصِنَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ قَدْ بُعِثَ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنْ قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمُ الرَّجْمُ فِي التَّوْرَاةِ فَكَتَمْتُمُوهُ وَاصْطَلَحْتُمْ بَيْنَكُمْ عَلَى عُقُوبَةٍ دُونَهُ، فَانْطَلِقُوا فَنَسْأَلَ هَذَا النَّبِيَّ، فَإِنْ أَفْتَانَا بِمَا فُرِضَ عَلَيْنَا فِي التَّوْرَاةِ مِنَ الرَّجْمِ تَرَكْنَا ذَلِكَ، فَقَدْ تَرَكْنَا ذَلِكَ فِي التَّوْرَاةِ فَهِيَ أَحَقُّ أَنْ تُطَاعَ وَتُصَدَّقَ. فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّهُ زَنَى صَاحِبٌ لَنَا قَدْ أُحْصِنَ، فَمَا تَرَى عَلَيْهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَامَ وَقُمْنَا مَعَهَ، فَانْطَلَقَ يَؤُمُّ مِدْرَاسَ الْيَهُودِ حَتَّى أَتَاهُمْ، فَوَجَدَهُمْ يَتَدَارَسُونَ التَّوْرَاةَ فِي بَيْتِ الْمِدْرَاسِ، فَقَالَ لَهُمْ: «يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى مَاذَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ مِنَ الْعُقُوبَةِ عَلَى مَنْ زَنَى وَقَدْ أُحْصِنَ؟» قَالُوا: إِنَّا نَجِدُهُ يُحَمَّمُ وَيُجْلَدُ. وَسَكَتَ حَبْرُهُمْ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ. فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَمْتَهُ أَلَظَّ بِهِ النِّشْدَةَ، فَقَالَ حَبْرُهُمُ: اللَّهُمَّ إِذْ نَشَدَنَا فَإِنَّا نَجِدُ عَلَيْهِمُ الرَّجْمَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَاذَا كَانَ أَوَّلَ مَا تَرَخَّصْتُمْ بِهِ أَمْرَ اللَّهِ؟» قَالَ: زَنَى ابْنُ عَمِّ مَلِكٍ فَلَمْ يَرْجُمْهُ، ثُمَّ زَنَى رَجُلٌ آخَرُ فِي أُسْرَةٍ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ ذَلِكَ الْمَلِكُ رَجْمَهُ، فَقَامَ دُونَهُ قَوْمُهُ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا تَرْجُمُهُ حَتَّى تَرْجُمَ فُلَانًا ابْنَ عَمِّ الْمَلِكِ. فَاصْطَلَحُوا بَيْنَهُمْ عُقُوبَةً دُونَ الرَّجْمِ، وَتَرَكُوا الرَّجْمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي أَقْضِي بِمَا فِي التَّوْرَاةِ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: ﴿يَا أَيُّهَا -[٤١٨]- الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ [المائدة: ٤١] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: ٤٤] وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ الْمُنَافِقُونَ