فِي حَيَّيْنِ دِينُهُمَا وَاحِدٌ وَبَلَدُهُمَا وَاحِدٌ دِيَةُ بَعْضِهِمْ ضِعْفُ دِيَةِ بَعْضٍ؟ إِنَّمَا أَعْطَيْنَاكُمْ هَذَا فَرَقًا مِنْكُمْ وَضَيْمًا، فَاجْعَلُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فتَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ الْعَزِيزَةَ تَذَاكَرَتْ بَيْنَهَا، فَخَشِيَتْ أَنْ لَا يُعْطِيَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَصْحَابِهَا ضِعْفَ مَا تُعْطَى أَصْحَابُهَا مِنْهَا، فَدَسُّوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِخْوَانَهُمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، فَقَالُوا لَهُمْ: أَخْبِرُوا لَنَا رَأْيَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ أَعْطَانَا مَا نُرِيدُ حَكَّمْنَاهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِنَا حَذَرْنَاهُ وَلَمْ نُحَكِّمْهُ. فَذَهَبَ الْمُنَافِقُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَرَادُوا مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ كُلِّهِ. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِيهِمْ: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ [المائدة: ٤١] هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ كُلِّهِنَّ، حَتَّى بَلَغَ: ﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ﴾ [المائدة: ٤٧] إِلَى ﴿الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: ٤٧] قَرَأَ عُبَيْدُ اللَّهِ ذَلِكَ آيَةً آيَةً وَفَسَّرَهَا عَلَى مَا أَنْزَلَ، حَتَّى فَرَغَ مِنْ تَفْسِيرِ ذَلِكَ لَهُمْ فِي الْآيَاتِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ يَهُودَ، وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِالْكَافِرِينَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَبِالظَّالِمِينَ: الْيَهُودَ، وَبِالْفَاسِقِينَ: النَّصَارَى
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: «نَزَلَتِ -[٤٦٣]- الْكَافِرُونَ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَالظَّالِمُونَ فِي الْيَهُودِ، وَالْفَاسِقُونَ فِي النَّصَارَى»


الصفحة التالية
Icon