ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٤٨] قَالَ: «مُصَدِّقًا عَلَيْهِ. كُلُّ شَيْءٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنْ تَوْرَاةٍ أَوْ إِنْجِيلٍ أَوْ زَبُورٍ فَالْقُرْآنُ مُصَدِّقٌ عَلَى ذَلِكَ، وَكُلُّ شَيْءٍ ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ مُصَدِّقٌ عَلَيْهَا وَعَلَى مَا حَدَّثَ عَنْهَا أَنَّهُ حَقٌّ» وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٤٨] نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٤٨] مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُؤْتَمَنٌ عَلَى الْقُرْآنِ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٤٨] قَالَ: " مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُؤْتَمَنٌ عَلَى الْقُرْآنِ فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ مُجَاهِدٌ: وَأَنْزَلْنَا الْكِتَابَ مُصَدِّقًا الْكُتُبَ قَبْلَهُ إِلَيْكَ، مُهَيْمِنًا عَلَيْهِ. فَيَكُونُ قَوْلُهُ مُصَدِّقًا حَالًا مِنَ الْكِتَابِ وَبَعْضًا مِنْهُ، وَيَكُونُ التَّصْدِيقُ مِنْ صِفَةِ الْكِتَابِ، وَالْمُهَيْمِنُ حَالًا مِنَ الْكَافِ الَّتِي فِي إِلَيْكَ، وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنْ ذِكْرِ اسْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٤٨] عَائِدَةٌ عَلَى الْكِتَابِ. -[٤٩١]- وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَعِيدٌ مِنَ الْمَفْهُومِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، بَلْ هُوَ خَطَأٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُهَيْمِنَ عَطْفٌ عَلَى الْمُصَدِّقِ، فَلَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ صِفَةِ مَا كَانَ الْمُصَدِّقُ صِفَةً لَهُ، وَلَوْ كَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ مَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ لَقِيلَ: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ مِنْ صِفَةِ الْكَافِ الَّتِي فِي إِلَيْكَ، وَلَيْسَ بَعْدَهَا شَيْءٌ يَكُونُ مُهَيْمِنًا عَلَيْهِ عَطْفًا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا عُطِفَ بِهِ عَلَى الْمُصَدِّقِ، لِأَنَّهُ مِنْ صِفَةِ الْكِتَابِ الَّذِي مِنْ صِفَتِهِ الْمُصَدِّقُ. فَإِنْ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّ الْمُصَدِّقَ عَلَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَتَأْوِيلُهُ هَذَا مِنْ صِفَةِ الْكَافِ الَّتِي فِي إِلَيْكَ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: ﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ﴾ [المائدة: ٤٨] يُبْطِلُ أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُصَدِّقُ مِنْ صِفَةِ الْكَافِ الَّتِي فِي إِلَيْكَ، لِأَنَّ الْهَاءَ فِي قَوْلِهِ: ﴿بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [المائدة: ٤٨] كِنَايَةُ اسْمٍ غَيْرِ الْمُخَاطَبِ، وَهُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ إِلَيْكَ، وَلَوْ كَانَ الْمُصَدِّقُ مِنْ صِفَةِ الْكَافِ لَكَانَ الْكَلَامُ: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ حِينَئِذٍ كَذَلِكَ


الصفحة التالية
Icon