أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: ٥٩] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لَأَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ، هَلْ تَكْرَهُونَ مِنَّا أَوْ تَجِدُونَ عَلَيْنَا حَتَّى تَسْتَهْزِئُوا بِدِينِنَا إِذَا أَنْتُمْ إِذَا نَادَيْنَا إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذْتُمْ نِدَاءَنَا ذَلِكَ هُزُوًا وَلَعِبًا ﴿إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ [المائدة: ٥٩] يَقُولُ: " إِلَّا أَنْ صَدَّقْنَا وَأَقْرَرْنَا بِاللَّهِ فَوَحَّدْنَاهُ، وَبِمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ الْكِتَابِ، وَمَا أُنْزِلَ إِلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ مِنَ الْكُتُبِ مِنْ قَبْلِ كِتَابِنَا. ﴿وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: ٥٩] يَقُولُ: " إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَكُمْ مُخَالِفُونَ أَمْرَ اللَّهِ، خَارِجُونَ عَنْ طَاعَتِهِ، تَكْذِبُونَ عَلَيْهِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: نَقَمْتُ عَلَيْكَ كَذَا أَنْقِمُ وَبِهِ قَرَأَ الْقُرَّاءَ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَغَيْرِهِمْ وَنَقِمْتُ أَنْقَمُ لُغَتَانِ، وَلَا نَعْلَمُ قَارِئًا قَرَأَ بِهَا بِمَعْنَى وَجَدْتُ وَكَرِهْتُ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:
[البحر المنسرح]
مَا نَقِمُوا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلَّـ | ـا أَنَّهُمْ يَحْلُمُونَ إِنْ غَضِبُوا |
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثني مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: ثني سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَوْ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَرٌ مِنَ الْيَهُودِ فِيهِمْ أَبُو يَاسِرِ بْنُ -[٥٣٨]- أَخْطَبَ، وَرَافِعُ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، وَعَازَرٌ، وَزَيْدٌ وَخَالِدٌ، وَأَزَارُ بْنُ أَبِي أَزَارٍ، وَأَشْيَعُ، فَسَأَلُوهُ عَمَّنْ يُؤْمِنُ بِهِ مِنَ الرُّسُلِ؟ قَالَ: «أُومِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ، وَمَا أُوتِي مُوسَى وَعِيسَى، وَمَا أُوتِي النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ، لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ» فَلَمَّا ذَكَرَ عِيسَى جَحَدُوا نُبُوَّتَهُ وَقَالُوا: لَا نُؤْمِنُ بِمَنْ آمَنَ بِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: ٥٩] " عَطْفًا بِهَا عَلَى أَنَّ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ [المائدة: ٥٩] لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا إِيمَانَنَا بِاللَّهِ وَفِسْقَكُمْ