لَعَنَهُ اللَّهُ، فَيَجْعَلُ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَا فِي مِنْ وَاقِعًا عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ﴾ [المائدة: ٦٠] فَإِنَّهُ يَعْنِي: مَنْ أَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ وَغَضِبَ عَلَيْهِ. ﴿وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ﴾ [المائدة: ٦٠] يَقُولُ: " وَغَضِبَ عَلَيْهِ، وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْمُسُوخَ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ، غَضَبًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ وَسَخَطًا، فَعَجَّلَ لَهُمُ الْخِزْيَ وَالنَّكَالَ فِي الدُّنْيَا. وَأَمَّا سَبَبُ مَسْخِ اللَّهِ مَنْ مَسَخَ مِنْهُمْ قِرَدَةً فَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهُ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَسَنَذْكُرُ بَقِيَّتَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي مَكَانٍ غَيْرِ هَذَا. وَأَمَّا سَبَبُ مَسْخِ اللَّهِ مَنْ مَسَخَ مِنْهُمْ خَنَازِيرَ، فَإِنَّهُ كَانَ فِيمَا:
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ الْمَسْخِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْخَنَازِيرِ كَانَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ فِيهَا مَلِكُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانُوا قَدِ اسْتَجْمَعُوا عَلَى الْهَلَكَةِ، إِلَّا أَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ كَانَتْ عَلَى بَقِيَّةٍ مِنَ الْإِسْلَامِ مُتَمَسِكَّةً بِهِ، فَجَعَلَتْ تَدْعُو إِلَى اللَّهِ حَتَّى إِذَا اجْتَمَعَ إِلَيْهَا نَاسٌ فَتَابَعُوهَا عَلَى أَمْرِهَا، قَالَتْ لَهُمْ: إِنَّهُ لَا بُدَّ لَكُمْ مِنْ أَنْ تُجَاهِدُوا عَنْ دِينِ اللَّهِ وَأَنْ تُنَادُوا قَوْمَكُمْ بِذَلِكَ، فَاخْرُجُوا فَإِنِّي خَارِجَةٌ. فَخَرَجَتْ وَخَرَجَ إِلَيْهَا ذَلِكَ الْمَلِكُ فِي النَّاسِ، فَقَتَلَ أَصْحَابَهَا جَمِيعًا، وَانْفَلَتَتْ مِنْ بَيْنِهِمْ. قَالَ: وَدَعَتْ إِلَى اللَّهِ حَتَّى تَجَمَّعَ النَّاسُ إِلَيْهَا، حَتَّى إِذَا رَضِيتُ مِنْهُمْ أَمَرَتْهُمْ بِالْخُرُوجِ، فَخَرَجُوا وَخَرَجَتْ مَعَهُمْ، وَأُصِيبُوا جَمِيعًا وَانْفَلَتَتْ مِنْ بَيْنِهِمْ. ثُمَّ دَعَتْ إِلَى اللَّهِ، حَتَّى إِذَا اجْتَمَعَ إِلَيْهَا رِجَالٌ اسْتَجَابُوا لَهَا،


الصفحة التالية
Icon