حَدَّثَنَا أَبُو حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، قَالَ: ثنا عَنْبَسَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عُبَيْدٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: " كَانُوا يُفَضِّلُونَ الْحُرَّ عَلَى الْعَبْدِ وَالْكَبِيرَ عَلَى الصَّغِيرِ، فَنَزَلَتْ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]
حَدَّثَنَا الْحَارِثُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: " كَانُوا يُطْعِمُونَ الْكَبِيرَ مَا لَا يُطْعِمُونَ الصَّغِيرَ، وَيُطْعِمُونَ الْحُرَّ مَا لَا يُطْعِمُونَ الْعَبْدَ، فَقَالَ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: ثنا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «إِنْ كُنْتَ تُشْبِعُ أَهْلَكَ فَأَشْبِعْهُمْ، وَإِنْ كُنْتَ لَا تُشْبِعْهُمْ فَعَلَى قَدْرِ ذَلِكَ»
حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] قَالَ: «مِنْ عُسْرِهِمِ وَيُسْرِهِمْ»
حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " كَانَ الرَّجُلُ يَقُوتُ بَعْضَ أَهْلِهِ قُوتًا دُونًا، وَبَعْضُهُمْ قُوتًا فِيهِ سَعَةٌ، فَقَالَ اللَّهُ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] الْخُبْزُ وَالزَّيْتُ " وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] عِنْدَنَا -[٦٣٧]- قَوْلُ مَنْ قَالَ: مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ فِي الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ. وَذَلِكَ أَنَّ أَحْكَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَفَّارَاتِ كُلِّهَا بِذَلِكَ وَرَدَتْ، وَذَلِكَ كَحُكْمِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَفَّارَةِ الْحَلْقِ مِنَ الْأَذَى بِفَرَقٍ مِنْ طَعَامٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، وَكَحُكْمِهِ فِي كَفَّارَةِ الْوَطْءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ رُبْعُ صَاعٍ. وَلَا يُعْرَفُ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ مِنَ الْكَفَّارَاتِ أَمَرَ بِإِطْعَامِ خُبْزٍ وَإِدَامٍ وَلَا بِغَدَاءٍ وَعَشَاءٍ. فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَتْ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إِحْدَى الْكَفَّارَاتِ الَّتِي تَلْزَمُ مِنْ لَزِمَتْهُ، كَانَ سَبِيلُهَا سَبِيلَ مَا تَوَلَّى الْحَكَمُ فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى مُكَفِّرِهَا مِنَ الطَّعَامِ مِقْدَارٌ لِلْمَسَاكِينِ الْعَشَرَةِ مَحْدُودٌ بِكَيْلٍ دُونَ جَمْعِهِمْ عَلَى غَدَاءٍ أَوْ عَشَاءٍ مَخْبُوزٍ مَأْدُومٍ، إِذْ كَانَتْ سُنَّتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ كَذَلِكَ. فَإِذْ كَانَ صَحِيحًا مَا قُلْنَا بِمَا بِهِ اسْتَشْهَدْنَا فَبَيِّنٌ أَنَّ تَأْوِيلَ الْكَلَامِ: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ، فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَعْدَلِ إِطْعَامِكُمْ أَهْلِيكُمْ، وَأَنَّ «مَا» الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، لَا بِمَعْنَى الْأَسْمَاءِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَأَعْدَلُ أَقْوَاتِ الْمُوسِعِ عَلَى أَهْلِهِ مُدَّانِ، وَذَلِكَ نِصْفُ صَاعٍ فِي رُبُعِهِ إِدَامُهُ، وَذَلِكَ أَعْلَى مَا حَكَمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَفَّارَةٍ فِي إِطْعَامِ -[٦٣٨]- مَسَاكِينَ، وَأَعْدَلُ أَقْوَاتِ الْمُقْتِرِ عَلَى أَهْلِهِ مُدٌّ وَذَلِكَ رُبْعُ صَاعٍ، وَهُوَ أَدْنَى مَا حَكَمَ بِهِ فِي كَفَّارَةٍ فِي إِطْعَامِ مَسَاكِينَ. وَأَمَّا الَّذِينَ رَأَوْا إِطْعَامَ الْمَسَاكِينِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ وَمَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ قَبْلُ، وَالَّذِينَ رَأَوْا أَنْ يُغَدَّوْا أَوْ يُعَشَّوْا، وَالَّذِينَ رَأَوْا أَنْ يُغَدَّوْا وَيُعَشَّوْا، فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] : مِنْ أَوْسَطِ الطَّعَامِ الَّذِي تُطْعِمُونَهُ أَهْلِيكُمْ، فَجَعَلُوا «مَا» الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] اسْمًا لَا مَصْدَرًا، فَأَوْجَبُوا عَلَى الْمُكَفِّرِ إِطْعَامَ الْمَسَاكِينِ مِنْ أَعْدَلِ مَا يُطْعِمِ أَهْلَهُ مِنَ الْأَغْذِيَةِ. وَذَلِكَ مَذْهَبٌ لَوْلَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَفَّارَاتِ غَيْرِهَا الَّتِي يَجِبُ إِلْحَاقُ أَشْكَالِهَا بِهَا، وَأَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ لَهَا نَظِيرَةٌ وَشَبِيهَةٌ يَجِبُ إِلْحَاقُهَا بِهَا


الصفحة التالية
Icon