وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِعِبَادِهِ: احْذَرُوا يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ لَهُمْ: مَاذَا أَجَابَتْكُمْ أُمَمُكُمْ فِي الدُّنْيَا إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ فَـ (إِذْ) مِنْ صِلَةِ (أُجِبْتُمْ)، كَأَنَّ مَعْنَاهَا: مَاذَا أَجَابَتْ عِيسَى الْأُمَمُ الَّتِي أُرْسِلَ إِلَيْهَا عِيسَى فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ سُئِلَتِ الرُّسُلُ عَنْ إِجَابَةِ الْأُمَمِ إِيَّاهَا فِي عَهْدِ عِيسَى، وَلَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِ عِيسَى مِنَ الرُّسُلِ إِلَّا أَقَلَّ ذَلِكَ؟ قِيلَ: جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى عَنَى بِقَوْلِهِ: فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الرُّسُلَ الَّذِينَ كَانُوا أُرْسِلُوا فِي عَهْدِ عِيسَى. فَخَرَجَ الْخَبَرُ مَخْرَجَ الْجَمِيعِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ فِي عَهْدِ عِيسَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ وَالْمُرَادُ: وَاحِدٌ مِنَ النَّاسِ، وَإِنْ كَانَ مَخْرَجُ الْكَلَامِ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ وَمَعْنَى الْكَلَامِ: إِذْ قَالَ اللَّهُ حِينَ قَالَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ يَقُولُ: يَا عِيسَى، اذْكُرْ أَيَادِيَّ عِنْدَكَ وَعِنْدَ وَالِدَتِكَ، إِذْ قَوَّيْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَأَعَنْتُكَ بِهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي أَيَّدْتُكَ مَا هُوَ مِنَ الْفِعْلِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ فَعَّلْتُكَ، كَمَا فِي قَوْلِكَ: قَوَّيْتُكَ، فَعَّلْتُ مِنَ الْقُوَّةِ.


الصفحة التالية
Icon