وَقَوْلُهُ: وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ يَقُولُ: وَاذْكُرْ أَيْضًا نِعْمَتِي عَلَيْكَ إِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ: وَهُوَ الْخَطُّ، وَالْحِكْمَةَ: وَهِيَ الْفَهْمُ بِمَعَانِي الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلْتُهُ إِلَيْكَ وَهُوَ الْإِنْجِيلُ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ يَقُولُ: كَصُورَةِ الطَّيْرِ، بِإِذْنِي يَعْنِي بِقَوْلِهِ، تَخْلُقُ تَعْمَلُ وَتُصْلِحُ مِنَ الطِّينِ، كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي يَقُولُ: بِعَوْنِي عَلَى ذَلِكَ وَعِلْمٍ مِنِّي. فَتَنْفُخُ فِيهَا يَقُولُ: فَتَنْفُخُ فِي الْهَيْئَةِ، فَتَكُونُ الْهَيْئَةُ وَالصُّورَةُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ يَقُولُ: وَتَشْفِي الْأَكْمَهَ: وَهُوَ الْأَعْمَى الَّذِي لَا يُبْصِرُ شَيْئًا الْمَطْمُوسُ الْبَصَرِ، وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَقَدْ بَيَّنْتُ مَعَانِيَ هَذِهِ الْحُرُوفِ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مُفَسَّرًا بِشَوَاهِدِهِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَقَوْلُهُ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ يَقُولُ: وَاذْكُرْ أَيْضًا نِعْمَتِي عَلَيْكَ، بِكَفِّي عَنْكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ كَفَفْتُهُمْ عَنْكَ وَقَدْ هَمُّوا بِقَتْلِكَ، إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ يَقُولُ: إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْأَدِلَّةِ وَالْأَعْلَامِ الْمُعْجِزَةِ عَلَى نُبُوَّتِكَ وَحَقِّيَّةِ مَا أَرْسَلْتُكَ بِهِ إِلَيْهِمْ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَقَالَ الَّذِينَ جَحَدُوا نُبُوَّتَكَ وَكَذَّبُوكَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ قُرَّاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ: إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ يَعْنِي: يُبِينُ عَمَّا أَتَى بِهِ لِمَنْ رَآهُ وَنَظَرَ إِلَيْهِ أَنَّهُ سِحْرٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ.