وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: أَرَأَيْتَكَ عَمْرًا، أَكْثَرُ الْكَلَامِ فِيهِ تَرْكُ الْهَمْزِ. قَالَ: وَالْكَافُ مِنْ أَرَأَيْتَكَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، كَأَنَّ الْأَصْلَ: أَرَأَيْتَ نَفْسَكَ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالِ؟ قَالَ: فَهَذَا يُثَنَّى وَيُجْمَعُ وَيُؤَنَّثُ، فَيُقَالُ: أَرَأَيْتُمَاكُمَا، وَأَرَأَيْتُمُوكُمْ، وَأَرَيْتُنَّكُنَّ أَوْقَعَ فِعْلَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَسَأَلَهُ عَنْهَا، ثُمَّ كَثُرَ بِهِ الْكَلَامُ حَتَّى تَرَكُوا التَّاءَ مُوَحَّدَةً لِلتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ وَالتَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ، فَقَالُوا: أَرَأَيْتَكُمْ زَيْدًا مَا صَنَعَ، وَأَرَأَيْتَكُنَّ زَيْدًا مَا صَنَعَ، فَوَحَّدُوا التَّاءَ وَثَنُّوا الْكَافَ وَجَمَعُوهَا، فَجَعَلُوهَا بَدَلًا مِنَ التَّاءِ، كَمَا قَالَ: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾، وَهَاءَ يَا رَجُلُ، وَهَاؤُمَا، ثُمَّ قَالُوا: هَاكُمُ، اكْتَفَى بِالْكَافِ وَالْمِيمِ مِمَّا كَانَ يُثَنَّى وَيُجْمَعُ، فَكَأَنَّ الْكَافَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ إِذْ كَانَتْ بَدَلًا مِنَ التَّاءِ، وَرُبَّمَا وُحِدَّتْ لِلتَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ، وَهِيَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: عَلَيْكَ زَيْدًا، الْكَافُ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ، وَالتَّأْوِيلُ رَفْعٌ. فَأَمَّا مَا يُجْلَبُ فَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ عَلَى الْأَسْمَاءِ، ثُمَّ تَأْتِي بِالِاسْتِفْهَامِ، فَيُقَالُ: أَرَأَيْتَكَ زَيْدًا هَلْ قَامَ، لِأَنَّهَا صَارَتْ بِمَعْنَى: أَخْبِرْنِي عَنْ زَيْدٍ، ثُمَّ بَيَّنَ عَمَّا يَسْتَخْبِرُ، فَهَذَا أَكْثَرُ الْكَلَامِ، وَلَمْ يَأْتِ الِاسْتِفْهَامُ ثِنْيَهَا، لَمْ يَقُلْ: أَرَأَيْتَكَ هَلْ قُمْتَ؟ لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يُبَيِّنُوا عَمَّنْ يَسْأَلُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ الْحَالَةَ الَّتِي يَسْأَلُ عَنْهَا، وَرُبَّمَا جَاءَ بِالْخَبَرِ وَلَمْ يَأْتِ بِالِاسْمِ، فَقَالُوا: أَرَأَيْتَ زَيْدًا هَلْ يَأْتِينَا؟ وَأَرَأَيْتَكَ أَيْضًا، وَأَرَأَيْتَ زَيْدًا إِنْ أَتَيْتُهُ هَلْ يَأْتِينَا؟ إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى أَخْبِرْنِي، فَيُقَالُ بِاللُّغَاتِ الثَّلَاثِ. وَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْعَادِلِينَ بِاللَّهِ الْأَوْثَانَ وَالْأَصْنَامَ، أَخْبِرُونِي


الصفحة التالية
Icon