ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلُهُ: ﴿وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةٌ﴾ [الأنعام: ٦١] قَالَ: «هِيَ الْمُعَقِّبَاتُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، يَحْفَظُونَهُ وَيَحْفَظُونَ عَمَلَهُ»
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام: ٦١] يَقُولُ: " حَفَظَةٌ يَا ابْنَ آدَمَ يَحْفَظُونَ عَلَيْكَ عَمَلَكَ وَرِزْقَكَ وَأَجَلَكَ، إِذَا تُوفِّيتَ ذَلِكَ قُبِضْتَ إِلَى رَبِّكَ ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام: ٦١]، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ رَبَّكُمْ يَحْفَظُكُمْ بِرُسُلٍ يُعَقِّبَ بَيْنَهَا، يُرْسِلُهُمْ إِلَيْكُمْ بِحِفْظِكُمْ، وَبِحِفْظِ أَعْمَالِكُمْ إِلَى أَنْ يَحْضِرُكُمُ الْمَوْتُ وَيَنْزِلُ بِكُمْ أَمْرُ اللَّهِ، فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ أَحَدَكُمْ تَوَفَّاهُ أَمْلَاكُنَا الْمُوَكَّلُونَ بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ وَرُسُلُنَا الْمُرْسَلُونَ بِهِ وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ فِي ذَلِكَ فَيُضَيِّعُونَهُ -[٢٩٠]- فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَوَلَيْسَ الَّذِي يَقْبِضُ الْأَرْوَاحَ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَكَيْفَ قِيلَ: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ [الأنعام: ٦١]، وَالرُّسُلُ جُمْلَةٌ وَهُوَ وَاحِدٌ؟ أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾ [السجدة: ١١] ؟ قِيلَ: جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى أَعَانَ مَلَكَ الْمَوْتِ بِأَعْوَانٍ مِنْ عِنْدِهِ، فَيَتَوَلَّوْنَ ذَلِكَ بِأَمْرِ مَلَكِ الْمَوْتِ، فَيَكُونُ (التَّوَفِّي) مُضَافًا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ أَعْوَانِ مَلَكِ الْمَوْتِ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ، إِذْ كَانَ فِعْلُهُمْ مَا فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ بِأَمْرِهِ، كَمَا يُضَافُ قَتْلُ مَنْ قَتَلَ أَعْوَانُ السُّلْطَانِ وَجَلْدِ مَنْ جَلَدُوهُ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ إِلَى السُّلْطَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ السُّلْطَانُ بَاشَرَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَا وَلِيَهُ بِيَدِهِ. وَقَدْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ


الصفحة التالية
Icon