حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: ثنا رَجُلٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: " حَيْرَانَ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْكَافِرِ، يَقُولُ: الْكَافِرُ حَيْرَانُ يَدْعُوهُ الْمُسْلِمُ إِلَى الْهُدَى فَلَا يُجِيبُ "
حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا﴾ [الأنعام: ٧١] حَتَّى بَلَغَ: ﴿لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: ٧١] : عَلَّمَهَا اللَّهُ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ يُخَاصِمُونَ بِهَا أَهْلَ الضَّلَالَةِ وَقَالَ آخَرُونَ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ بِمَا
حَدَّثَنِي بِهِ، مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني أَبِي قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى﴾ [الأنعام: ٧١] : فَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِي لَا يَسْتَجِيبُ لِهُدَى اللَّهِ، وَهُوَ رَجُلٌ أَطَاعَ الشَّيْطَانَ وَعَمِلَ فِي الْأَرْضِ بِالْمَعْصِيَةِ وَحَارَ عَنِ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُ، وَلَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الَّذِيَ يَأْمُرُونَهُ هُدًى، يَقُولُ اللَّهُ ذَلِكَ لِأَوْلِيَائِهِمْ مِنَ الْإِنْسِ: إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ، وَالضَّلَالَةَ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْجِنُّ " فَكَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَرَى أَنَّ أَصْحَابَ هَذَا الْحَيْرَانِ الَّذِينَ يَدْعُونَهُ إِنَّمَا يَدْعُونَهُ إِلَى الضَّلَالِ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ ذَلِكَ هُدًى، وَأَنَّ اللَّهَ أَكْذَبَهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى﴾ [البقرة: ١٢٠]، لَا مَا يَدْعُوهُ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ. -[٣٣٢]- وَهَذَا تَأْوِيلٌ لَهُ وَجْهٌ لَوْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ سَمَّى الَّذِي دَعَا الْحَيْرَانَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ هُدًى، وَكَانَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الدُّعَاةِ لَهُ إِلَى مَا دَعَوْهُ إِلَيْهِ، أَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ سَمَّوْهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ سَمَّاهُ هُدًى، وَأَخْبَرَ عَنْ أَصْحَابِ الْحَيْرَانِ أَنَّهُمْ يَدْعُونَهُ إِلَيْهِ. وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهُ الضَّلَالَ هُدًى، لِأَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ، وَغَيْرُ جَائِزٍ وَصْفُ اللَّهِ بِالْكَذِبِ، لِأَنَّ ذَلِكَ وَصْفُهُ بِمَا لَيْسَ مِنْ صِفَتِهِ. وَإِنَّمَا كَانَ يَجُوزُ تَوْجِيهُ ذَلِكَ إِلَى الصَّوَابِ لَوْ كَانَ ذَلِكَ خَبَرًا مِنَ اللَّهِ عَنِ الدَّاعِي الْحَيْرَانَ أَنَّهُمْ قَالُوا لَهُ: تَعَالَ إِلَى الْهُدَى، فَأَمَّا وَهُوَ قَائِلٌ: يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَهُمْ كَانُوا يَدْعُونَهُ إِلَى الضَّلَالِ


الصفحة التالية