خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى نَفْعِكُمْ وَضَرِّكُمْ فِي إِشْرَاكِكُمْ فِي عِبَادَتِكُمْ إِيَّاهُ ﴿مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا﴾ [الأنعام: ٨١] يَعْنِي: مَا لَمْ يُعْطِكُمْ عَلَى إِشْرَاكِكُمْ إِيَّاهُ فِي عِبَادَتِهِ حُجَّةً، وَلَمْ يَضَعْ لَكُمْ عَلَيْهِ بُرْهَانًا، وَلَمْ يَجْعَلْ لَكُمْ بِهِ عُذْرًا. ﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ﴾ [الأنعام: ٨١] يَقُولُ: أَنَا أَحَقُّ بِالْأَمْنِ مِنْ عَاقِبَةِ عِبَادَتِي رَبِّي، مُخْلِصًا لَهُ الْعِبَادَةَ، حَنِيفًا لَهُ دِينِي، بَرِيئًا مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَالْأَصْنَامِ، أَمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَصْنَامًا لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَكُمْ بِعِبَادَتِكُمْ إِيَّاهَا بُرْهَانًا وَلَا حُجَّةً؟ ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٨٤] يَقُولُ: إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ صِدْقَ مَا أَقُولُ وَحَقِيقَةَ مَا أَحْتَجُّ بِهِ عَلَيْكُمْ، فَقُولُوا وَأَخْبِرُونِي أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ؟ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ، كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ يَقُولُ
فِيمَا حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ﴾ [الأنعام: ٨١] يَقُولُ: كَيْفَ أَخَافُ وَثَنًا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، وَلَا تَخَافُونَ أَنْتُمُ الَّذِي يَضُرُّ وَيَنْفَعُ، وَقَدْ جَعَلْتُمْ مَعَهُ شُرَكَاءَ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ؟ ﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام: ٨١]، أَيْ بِالْأَمْنِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، الَّذِي يَعْبُدُ الَّذِي بِيَدِهِ الضُّرُّ وَالنَّفْعُ؟ أَمِ الَّذِي يَعْبُدُ مَا لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ؟ يَضْرِبُ لَهُمُ الْأَمْثَالَ، وَيُصَرِّفُ لَهُمُ الْعِبَرَ، لِيَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ أَحَقُّ أَنْ يُخَافَ وَيُعْبَدَ مِمَّا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: " أَفْلَجَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ خَاصَمَهُمْ، فَقَالَ: ﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ -[٣٦٧]- سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام: ٨١] ثُمَّ قَالَ: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ﴾ [الأنعام: ٨٣]


الصفحة التالية
Icon