الْأَنْعَامِ، فَيُهْمَلُ فِي الْحُمَّى فَلَا يُنْتَفَعُ بِظَهْرِهِ وَلَا بِوَلَدِهِ، وَلَا بِلَبَنِهِ، وَلَا بِشَعْرِهِ، وَلَا بِصُوفِهِ وَأَمَّا الْوَصِيلَةُ، فَكَانَتِ الشَّاةُ إِذَا وَلَدَتْ سَبْعَةَ أَبْطُنٍ ذَبَحُوا السَّابِعَ إِذَا كَانَ جَدْيًا، وَإِنْ كَانَ عَنَاقًا اسْتَحْيَوْهُ، وَإِنْ كَانَ جَدْيًا وَعَنَاقًا اسْتَحْيَوْهُمَا كِلَيْهِمَا، وَقَالُوا: إِنَّ الْجَدْيَ وَصَلَتْهُ أُخْتُهُ، فَحَرَّمَتْهُ عَلَيْنَا. وَأَمَّا الْحَامِي: فَالْفَحْلُ إِذَا رَكِبُوا أَوْلَادَ وَلَدِهِ، قَالُوا: قَدْ حَمَى هَذَا ظَهْرَهُ، وَأَحْرَزَ أَوْلَادُ وَلَدِهِ، فَلَا يَرْكَبُونَهُ، وَلَا يَمْنَعُونَهُ مِنْ حِمَى شَجَرٍ، وَلَا حَوْضٍ مَا شَرَعَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَوْضُ لِصَاحِبِهِ، وَكَانَتْ مِنْ إِبِلِهِمْ طَائِفَةٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا فِي شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِمْ، لَا إِنْ رَكِبُوا، وَلَا إِنْ حَمَلُوا، وَلَا إِنْ حَلَبُوا، وَلَا إِنْ نَتَجُوا، وَلَا إِنْ بَاعُوا، فَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ﴾ [المائدة: ١٠٣] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [المائدة: ١٠٣] "
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ﴾ [المائدة: ١٠٣]، قَالَ: " هَذَا شَيْءٌ كَانَتْ تَعْمَلُ بِهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ ذَهَبَ قَالَ: الْبَحِيرَةُ: كَانَ الرَّجُلُ يَجْدَعُ أُذُنَيْ نَاقَتِهِ ثُمَّ يُعْتِقُهَا، كَمَا يُعْتِقُ جَارِيَتَهُ وَغُلَامَهُ، لَا تُحْلَبُ، وَلَا تُرْكَبُ وَالسَّائِبَةُ: يُسَيِّبُهَا بِغَيْرِ تَجْدِيعٍ وَالْحَامُ: إِذَا نُتِجَ لَهُ سَبْعُ إِنَاثٍ مُتَوَالِيَاتٍ، قَدْ حُمِيَ ظَهْرُهُ، وَلَا يُرْكَبُ، وَلَا يُعْمَلُ عَلَيْهِ وَالْوَصِيلَةُ مِنَ الْغَنَمِ: إِذَا وَلَدَتْ سَبْعَ إِنَاثٍ مُتَوَالِيَاتٍ حَمَتْ لَحْمَهَا أَنْ يُؤْكَلَ "
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: ثني ابْنُ الْهَادِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: " السَّائِبَةُ: الَّتِي كَانَتْ تُسَيَّبُ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَالْبَحِيرَةُ: الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ فَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ وَالْوَصِيلَةُ: النَّاقَةُ الْبِكْرُ تُبَكِّرُ أَوَّلَ نِتَاجِ الْإِبِلِ بِأُنْثَى، -[٣٩]- ثُمَّ تُثَنِّي بَعْدُ بِأُنْثَى، وَكَانُوا يُسَمُّونَهَا لِلطَّوَاغِيتِ، يَدْعُونَهَا الْوَصِيلَةَ، إِنْ وَصَلَتْ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَالْحَامِي: فَحْلُ الْإِبِلِ يَضْرِبُ الْعَشَرَ مِنَ الْإِبِلِ، فَإِذَا نَقَصَ ضِرَابُهُ يَدَعُونَهُ لِلطَّوَاغِيتِ، وَأَعْفَوْهُ مِنَ الْحَمْلِ، فَلَمْ يَحْمِلُوا عَلَيْهِ شَيْئًا، وَسَمَّوْهُ الْحَامِيَ " وَهَذِهِ أُمُورٌ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَبْطَلَهَا الْإِسْلَامُ، فَلَا نَعْرِفُ قَوْمًا يَعْمَلُونَ بِهَا الْيَوْمَ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَكَانَ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَعْمَلُ بِهِ لَا يُوصَلُ إِلَى عِلْمِهِ إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ الْيَوْمَ أَثَرٌ، وَلَا فِي الشِّرْكِ نَعْرِفُهُ إِلَّا بِخَبَرٍ، وَكَانَتِ الْأَخْبَارُ عَمَّا كَانُوا يَفْعَلُونَ مِنْ ذَلِكَ مُخْتَلِفَةً الِاخْتِلَافَ الَّذِي ذَكَرْنَا، فَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: أَمَّا مَعَانِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ، فَمَا بَيَّنَّا فِي ابْتِدَاءِ الْقَوْلِ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ. وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ عَمَلِ الْقَوْمِ فِي ذَلِكَ، فَمَا لَا عِلْمَ لَنَا بِهِ. وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ بِوَصْفِ عَمَلِهِمْ ذَلِكَ عَلَى مَا قَدْ حَكَيْنَا، وَغَيْرُ ضَائِرٍ الْجَهْلُ بِذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ عِلْمِهِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ، مُوَصِّلًا إِلَى حَقِيقَتِهِ، وَهُوَ أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا مُحَرِّمِينَ مِنْ أَنْعَامِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ اتِّبَاعًا مِنْهُمْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ، فَوَبَّخَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ حَلَالٌ، فَالْحَرَامُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ عِنْدَنَا مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِنَصٍّ أَوْ دَلِيلٍ وَالْحَلَالُ مِنْهُ: مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ كَذَلِكَ


الصفحة التالية
Icon