الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: ٩٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿أُولَئِكَ﴾ [البقرة: ٥] هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ وَكَّلْنَا بِآيَاتِنَا وَلَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ، هُمُ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ لِدِينِهِ الْحَقِّ، وَحَفِظَ مَا وَكِّلُوا بِحِفْظِهِ مِنْ آيَاتِ كِتَابِهِ، وَالْقِيَامِ بِحُدُودِهِ، وَاتِّبَاعِ حَلَالِهِ وَحَرَامِهِ، وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا فِيهِ مِنْ نَهْيِهِ، فَوَفَّقَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِذَلِكَ. ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِالْعَمَلِ الَّذِي عَمِلُوا، وَالْمِنْهَاجِ الَّذِي سَلَكُوا، وَبِالْهُدَى الَّذِي هَدَيْنَاهُمْ، وَالتَّوْفِيقِ الَّذِي وَفَّقْنَاهُمْ، اقْتَدِهْ يَا مُحَمَّدُ: أَيْ فَاعْمَلْ وَخُذْ بِهِ وَاسْلُكْهُ، فَإِنَّهُ عَمَلٌ لِلَّهِ فِيهِ رِضًا، وَمِنْهَاجٌ مَنْ سَلَكَهُ اهْتَدَى. وَهَذَا التَّأْوِيلُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ: ﴿فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ﴾ [الأنعام: ٨٩] أَنَّهُمُ الْأَنْبِيَاءُ الْمُسَمَّوْنَ فِي الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ.


الصفحة التالية
Icon