وَقَدْ غَشِيَتْهُمْ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ، وَنَزَلَ بِهِمْ أَمْرُ اللَّهِ، وَحَانَ فَنَاءُ آجَالِهِمْ، وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ﴾ [محمد: ٢٨]، يَقُولُونَ لَهُمْ: أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمْ. وَالْغَمَرَاتُ: جَمْعُ غَمْرَةٍ، وَغَمْرَةُ كُلِّ شَيْءٍ: كَثْرَتُهُ وَمُعْظَمُهُ، وَأَصْلُهُ: الشَّيْءُ الَّذِي يَغْمُرُ الْأَشْيَاءَ فَيُغَطِّيهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الوافر]
وَهَلْ يُنْجِي مِنَ الْغَمَرَاتِ إِلَّا | بَرَاكَاءُ الْقِتَالِ أَوِ الْفِرَارُ |
مَا حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ﴾ [الأنعام: ٩٣] قَالَ: «سَكَرَاتُ الْمَوْتِ»
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: ﴿فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ﴾ [الأنعام: ٩٣] يَعْنِي: «سَكَرَاتِ الْمَوْتِ» وَأَمَّا بَسْطُ الْمَلَائِكَةِ أَيْدِيَهُمْ فَإِنَّهُ مَدُّهَا. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي سَبَبِ بَسْطِهَا أَيْدِيَهَا عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ