حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١٢١] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لِيُجَادِلُوكُمْ﴾ [الأنعام: ١٢١] قَالَ: يَقُولُ: يُوحِي الشَّيَاطِينُ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ: تَأْكُلُونَ مَا قَتَلْتُمْ، وَلَا تَأْكُلُونَ مِمَّا قَتَلَ اللَّهُ؟ فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي قَتَلْتُمْ يُذْكَرُ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الَّذِي مَاتَ لَمْ يُذْكَرِ اسْمٌ عَلَيْهِ
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ﴾ [الأنعام: ١٢١] :" هَذَا فِي شَأْنِ الذَّبِيحَةِ، قَالَ: قَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ: تَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ، وَأَحَلَّ لَكُمْ مَا تَذْبَحُونَ أَنْتُمْ بِأَيْدِيكُمْ، وَحَرَّمَ عَلَيْكُمْ مَا ذَبَحَ هُوَ لَكُمْ، وَكَيْفَ هَذَا وَأَنْتُمْ تَعَبُدُونُهُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١٢١] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَمُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: ١٢١] " وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ الَّذِينَ جَادَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ قَوْمًا مِنَ الْيَهُودِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: ثنا عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى: خَاصَمَتِ الْيَهُودُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ ابْنُ وَكِيعٍ: جَاءَتِ الْيَهُودُ إِلَيَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: نَأْكُلُ مَا قَتَلْنَا، وَلَا نَأْكُلُ مَا قَتَلَ اللَّهُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ -[٥٢٧]- يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ [الأنعام: ١٢١] وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّ الشَّيَاطِينَ يُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوا الْمُؤْمِنِينَ فِي تَحْرِيمِهِمْ أَكْلَ الْمَيْتَةِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ جِدَالِهِمْ إِيَّاهُمْ. وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْمُوحُونَ كَانُوا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ يُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ مِنْهُمْ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونُوا شَيَاطِينَ الْجِنِّ أَوْحَوْا إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ مِنَ الْإِنْسِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْجِنْسَانِ كِلَاهُمَا تَعَاوَنَا عَلَى ذَلِكَ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى الَّتِي يَقُولُ فِيهَا: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ [الأنعام: ١١٢]، بَلْ ذَلِكَ الْأَغْلَبُ مِنْ تَأْوِيلِهِ عِنْدِي، لِأَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ نَبِيَّهُ أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ أَعْدَاءً مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، كَمَا جَعَلَ لِأَنْبِيَائِهِ مِنْ قَبْلِهِ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْمُزَيَّنَ مِنَ الْأَقْوَالِ الْبَاطِلَةِ، ثُمَّ أَعْلَمُهُ أَنَّ أُولَئِكَ الشَّيَاطِينَ يُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ مِنَ الْإِنْسِ لِيُجَادِلُوهُ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَا حَرَّمَ اللَّهُ مِنَ الْمَيْتَةِ عَلَيْهِمْ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الَّذِي عَنَى اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِنَهْيِهِ عَنْ أَكْلِهِ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ ذَبَائِحُ كَانَتِ الْعَرَبُ تَذْبَحُهَا لِآلِهَتِهَا


الصفحة التالية
Icon