الحياة نتيجة لكل العالم. ولولاها لم تكن الحقيقة ثابتة ولانقلبت الحقائقُ - كالنعمة - نقمةً. وقس!.. ولقد لخصنا دلائلها في تفسير (وبالآخرة هم يوقنون)..
المسألة الخامسة: في (ثم اليه ترجعون) آخر العقد من تلك السلسلة.
اعلم! ان الخالق جلّت قدرته مزج الاضداد في عالم الكون والفساد لِحِكَم دقيقة ووضع أسبابا ظاهرية ووسائط اظهاراً لعزته فترتبت سلسلة العلل والمعلولات. ثم لما تصفّت الكائنات وتميزت وتحزبت في الحشر ارتفعت الأسباب واُسقطت الوسائط فارتفع الحجاب وكُشف الغطاء فيرى كلٌّ صانعَه ويعرف مالكه الحقيقي.
تذييل لخلاصة نظم الجمل: اعلم! انه تعالى لما أنكر كفرهم الواقع بطريق الاستفهام الاستخباريّ في "كيف" ودعا الناس الى التعجب منه؛ برهن عليه بما بعد الواو الحالية أي باراءة أربعة انقلابات عظيمة كلها وكل منها شاهد على وجوب الايمان. ثم ان كل انقلاب منها مشتمل على أطوار ومراتب، ومقدمة ومُعدّة للانقلاب الذي يليه فمن الطور الاول من الانقلاب الأول إلى الطور الآخر من الانقلاب الآخر يتجدد أصلُ جسد الحي دائما فيلقى قشراً ويلبس الأكمل ثم يخلعه ويلبس صورة أعلى ثم يلقيها أيضاً فيلبس صورة أحسن وهلم جرا!.. فهو دائماً في استبدال صورة بأخرى كاملة إلى أن يصل إلى أعلى الأعالي فيستقر بتقرر السعادة الأبدية، وكلها بنظام معيّن وقانون منتظم. فأشار إلى أول الانقلابات بقوله (وكنتم أمواتا) وهذا مشتمل على أطوار آخر الأطوار ينتج مآل (فأحياكم) الدال على الانقلاب الثاني الذي هو أعجب حقائق العالم المشتمل على أطوار آخرها تنتهي بانقلاب (ثم يميتكم) المشتمل أيضاً على أطواره البرزخي التي تتم بانقلاب (ثم يحييكم) المشتمل على أطواره القبرية ثم الحشرية المختومة بقوله (ثم اليه ترجعون). فمن أمعن في هذه الانقلابات كيف يتجاسر على الانكار؟
ولنشرع في نظم هيئات جملة جملة:
أما الجملة الأولى أعني (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا) فالاستفهام فيها لتوجيه ذهنهم الى قباحتهم ليروا بأنفسهم فينصفوا فيقرّوا. و (كيف) اشارة الى الاستدلال على عدم الكفر بانكار الحال اللازم. والخطاب في (تكفرون) ايماء كما