ولو كان الكلام الذي هو في صورة السجع منه لما تحيروا فيه ولكانت الطباع تدعو إلى المعارضة لأن السجع غير ممتنع عليهم بل هو عادتهم فكيف تنقض العادة بما هو نفس العادة وهو غير خارج عنها ولا متميز منها وقد يتفق في الشعر كلام متزن على منهاج السجع / وليس بسجع عندهم وذلك نحو قول البحتري
تشكي الوجى والليل ملتبس الدجا | غريرية الأنساب مرت بقيعها |
قريب المدى حتى يكون إلى الندى | عدو البنى حتى تكون معالي |
ونظيره من القرآن قوله تعالى ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم وقوله أمرنا مترفيها ففسقوا فيها وقوله أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله وقوله والتوراة والإنجيل ورسولا إلى بني إسرائيل وقوله إني وهن العظم مني
ولو كان ذلك عندهم سجعا لم يتحيروا فيه ذلك التحير حتى سماه بعضهم سحرا وتصرفوا فيما كانوا فيما كانوا يسمونه به ويصرفونه إليه ويتوهمونه فيه وهم في الجملة عارفون بعجزهم عن طريقة وليس القوم بعاجزين عن تلك الأساليب المعتادة عندهم المألوفة لديهم
والذي تكلمنا به في هذا الفصل كلام على جملة دون التفصيل