وقرأها ابن عباس وردها على قارئي قرأ عليه يكذبونك بضم الياء وقال أنهم كانوا يسمونه الأمين وقرأ نافع والكساءي بسكون الكاف وتخفيف الذال وهما قراءتان مشهورتان صحيحتان وهما بمعنى واحد فمعنى لا يكذبونك أي لا يعتقدون كذبك وأنهم يعلمون صدقك ولكنهم يجحدون عنادا وظلما وهذا تأويل قتادة والسدي وغيرهما وحكي عن طائفة من الكفار أنها كانت تقول إنا لنعلم أن محمدا صادق ولكن إذا ءامنا به فضلنا بنو هاشم بالنبوءة فنحن لا نؤمن به أبدا رويت هذه المقالة عن أبي جهل ومن جرى مجراه وأسند الطبري أن جبريل وجد النبي صلى الله عليه و سلم حزينا فسأله فقال كذبني هؤلاء فقال إنهم لا يكذبونك بل يعلمون أنك صادق ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون وجحد العناد جائز الوقوع بمقتضى النظر وظواهر القرآن تعطيه ويجحدون حقيقته في كلام العرب الإنكار بعد معرفة وهو ضد الإقرار وقوله سبحانه ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا الآية قال ابن جريج والضحاك عزى الله بهذه الآية نبيه عليه السلام ثم قوى سبحانه رجاء نبيه فيما وعده من النصر بقوله ولا مبدل لكلمات الله أي لا راد لأمره وكلماته السابقة بما يكون فكأن المعنى فاصبر كما صبروا وانتظر ما يأتي وثق بهذا الإخبار فإنه لا مبدل له وقوله تعالى وان كان كبر عليك اعراضهم الآية فيها الزام الجنحة للنبي صلى الله عليه و سلم وتقسيم الأحوال عليه حتى يبين أن لا وجه إلا الصبر والمعنى إن كنت تعظم تكذيبهم وكفرهم على نفسك وتلتزم الحزن فإن كنت تقدر على دخول سرب في أعماق الأرض أو على ارتقاء سلم في السماء فافعل أي ولست بقادر على شيء من هذا ولا بد لك من التزام الصبر واحتمال المشقة ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين في أن تأسف وتحزن على أمر أراده الله وأمضاه