والحياة معنيان يتعاقبان جسم الحيوان يرتفع أحدهما بحلول الآخر وما جاء في الحديث الصحيح من قوله عليه السلام يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح فيذبح على الصراط الحديث فقال أهل العلم إنما ذلك تمثال كبش يوقع الله العلم الضروري لأهل الدارين أنه الموت الذي ذاقوه في الدنيا ويكون ذلك التمثال حاملا للموت لا على أنه يحل الموت فيه فتذهب عنه حياة ثم يقرن الله تعالى في ذلك التمثال إعدام الموت
وقوله سبحانه ليبلوكم أي جعل لكم هاتين الحالتين ليبلوكم أي ليختبركم في حال الحياة ويجازيكم بعد الممات وقال أبو قتادة ونحوه عن ابن عمر قلت يا رسول الله ما معنى قوله تعالى ليبلوكم أيكم أحسن عملا فقال يقول أيكم أحسن عقلا وأشدكم لله خوفا وأحسنكم في أمره ونهيه نظرا وإن كانوا أقلكم تطوعا وقال ابن عباس وسفيان الثوري والحسن أيكم أحسن عملا أزهدكم في الدنيا قال القرطبي وقال السدي أحسنكم عملا أي أكثركم للموت ذكرا وله أحسن استعدادا ومنه أشد خوفا وحذرا انتهى من التذكرة ولله در القائل
... وفي ذكر هول الموت والقبر والبلى... عن الشغل باللذات للمرء زاجر...
... أبعد اقتراب الأربعين تربص... وشيب فذاك منذر لك ذاعر...
... فكم في بطون الأرض بعد ظهورها... محاسنهم فيها بوال دوائر...
... وأنت على الدنيا مكب منافس... لخطابها فيها حريص مكاثر...
... على خطر تمسي وتصبح لاهيا... أتدري بما إذا لو عقلت تخاطر...
... وإن امرأ يسعى لدنياه جاهدا... ويذهل عن أخراه لا شك خاسر...
... كأنك مغتر بما أنت صائر... لنفسك عمدا أو عن الرشد جائر...
... فجد ولا تغفل فعيشك زائل... وأنت إلى دار المنية صائر...
... ولا تطلب الدنيا فإن طلابها... وإن نلت منها ثروة لك ضائر


الصفحة التالية
Icon