آل عمران ٩٧
من حيث المعنى لأنه يدل على أمن داخله فكأنه قيل فيه آيات بينات مقام لابراهيم وأمن داخله والاثنان فى معنى الجمع ويجوز أن يذكر هاتان الآيتان ويطوى ذكر غيرهما لدلالة على تكاثر الآيات كأنه قيل فيه آيات بينات مقام إبراهيم وأمن داخله وكثير سواهما نحوا نمحاق الأحجار مع كثرة الرماة وامتناع الطير من العلو عليه وغير ذلك ونحوه فى طى الذكر قوله عليه السلام حبب إلى من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عينى فى الصلاة فقرة عينى ليس من الثلاث بل هو ابتداء كلام لأنها ليست من الدنيا والثالث يطوى وكأنه عليه السلام ترك ذكر الثالث تنبيها على أنه لم يكن من شأنه أن يذكر شيئا من الدنيا فذكر شيئا هو من الدين وقيل فى سبب هذا الأثر أنه لما ارتفع بنيان الكعبة وضعف إبراهيم عليه السلام عن رفع الحجارة قام على هذا الحجر فغاصت فيه قدماه وقيل أنه جاء زائرا من الشام إلى مكة فقالت له امرأة اسمعيل عليه السلام أنزل حتى تغسل رأسك فلم ينزل فجاءته بهذا الحجر فوضعته على شقه الأيمن فوضع قدمه عليه حتى غسلت شق رأسه ثم حولته إلى شقه الأيسر حتى غسلت الشق الآخر فبقى أثر قدميه عليه وأمان من دخله بدعوة إبراهيم عليه السلام رب اجعل هذا البلد آمنا وكان الرجل لوجنى كل جناية ثم التجأ إلى الحرم لم يطلب وعن عمر رضى الله عنه لو ظفرت فيه بقاتل الخطاب مامسته حتى يخرج منه ومن لزمه الفتل فى الحل بقود اوردة أو زنا فإلتجأ إلى الحرم لم يتعرض له إلا أنه لا يؤوى ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع حتى يضطر إلى الخروج وقيل أمنا من النار لقوله عليه السلام من مات فى أحد الحرمين بعث يوم القيامة آمنا من النار وعنه عليه السلام الحجون والبقيع يؤخذ بأطرافهما وينثران فى الجنة وهما مقبرتا مكة والمدينة وعنه عليه السلام من صبر على حر مكة ساعة من نهار تباعدت منه جهنم مسيرة مائتى عام ولله على الناس حج البيت أى استقر له عليهم فرض الحج حج البيت كوفى غير ابى بكر وهو إسم وبالفتح مصدر وقيل هما لغتان فى مصدر حج من فى موضع جر على أنه بدل البعض من الكل استطاع إليه سبيلا فسرها النبى عليه السلام بالزاد والراحلة والضمير فى إليه للبيت أو للحج وكل مأتى إلى الشئ فهو سبيل إليه ولما نزل قوله تعالى ولله على الناس حج البيت جمع رسول الله صلى الله عليه و سلم أهل الأديان كلهم فخطبهم فقال إن الله تعالى كتب عليكم الحج فحجوا فآمنت به ملة واحدة وهم المسلمون وكفرت به خمس ملل قالوا لا نؤمن به ولا نصلى إليه ولا نحجه فنزل ومن كفر أى جحد فرضية الحج وهو قول ابن عباس والحسن وعطاء ويجوز أن يكون من الكفران أى ومن لم يشكر ما أنعمت عليه من صحة الجسم وسعة الرزق ولم يحج فإن الله غنى عن العالمين مستغن عنهم وعن طاعتهم وفى هذه الآية انواع من التأكيد والتشديد منها اللام وعلى أى أنه حق واجب لله فى رقاب الناس ومنها الابدال ففيه تنبيه للمراد وتكرير له و لأن الإيضاح بعد الابهام والتفصيل بعد الاجمال أيراد له فى صورتين مختلفتين ومنها قوله ومن كفر مكان ومن لم يحج تغليظا على تاركى الحج ومنها ذكر الاستغناء وذلك دليل على المقت والسخط ومنها قوله عن العالمين


الصفحة التالية
Icon