آل عمران ١٤٣ - ١٤٦
من قبل أن تلقوه خوطب به الذين لم يشهدوا بدرا وكان يتمنون أن يحضروا مشهدا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم لينالوا كرامة الشهادة وهم الذين ألحو على رسول الله صلى الله عليه و سلم فى الخروج إلى المشركين وكان رأيه فى الإقامة بالمدينة يعنى وكنتم تمنون الموت قبل أن تشاهدوه و تعرفوا شدته فقد رأيتموه وأنتم تنظرون أى رأيتموه معا بين مشاهدين له حين قتل إخوانكم بين أيديكم وشارفتم أن تقتلوا وهذا توبيخ لهم على تمنيهم الموت وعلى ما تسببوا له من خروج رسول الله ص - بإلحاحهم عليه ثم انهزامهم عنه و إنما تمنوا الشهادة لينالوا كرامة الشهداء من غير قصد إلى ما يتضمنه من علبة الكفار كمن شرب الدواء من طيبب نصرانى فان قصده حصول الشفاء ولا يخطر بباله أن فيه جر منفعة إلى عدو الله وتنفيقا لصناعته لما رمى ابن قمئة رسول الله صلى الله عليه و سلم بحجر فكسر رباعيته أقبل يريد قتله فذب عنه عنه مصعب بن عمير وهو صاحب الراية حتى قتله ابن قميئة وهو يرى أنه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال قتلت محمدا وخرج صارخا قيل هو الشيطان ألا إن محمدا قد قتل ففشا فى الناس خبر قتله فانكفئوا وجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعوا إلى عباد الله حتى انحازت إليه طائفة من أصحابه فلامهم على هربهم فقالوا يا رسول الله فديناك بآبائنا وأمهاتنا أتانا خبر قتلك فولينا مدبرين فنزل وما محمد إلا رسول قد خلت مضت من قبله الرسل سيخلوكما خلوا وكما أن أتباعهم بقوا متمسكنين بدينهم بعد خلوهم فعليكم أن تتمسكوا بدينهم بعد خلوه لأن المقصود من بعثه الرسل تبليغ الرسالة وإلزام الحجة لا وجوده بين أظهر قومه أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم الفاء معلقة للجملة الشرطية بالجملة التى قبلها على معنى التسبيب والهمزة لإنكار أن يجعلوا خلو الرسل قبله سببا لانقلابهم على اعقابهم بعد هلاكه بموت أو قتل مع علمهم أن خلو الرسل قبله وبقاء دينهم متمسكا به يجب أن يجعل سببا للتمسك بدين محمد عليه السلام لا للانقلاب عنه والانقلاب على العقبين مجاز على الإرتداد أو عن الإنهزام ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وإنما ضر نفسه وسيجزى الله الشاكرين الذين لم ينقلبوا وسماهم شاكرين لأنهم شكروا نعمة الإسلام فيما فعلوا وما كان وما جاز لنفس أن تموت إلى بإذن الله أى بعلمه أو بأن بأذن ملك الموت فى قبض روحه والمعنى أن موت الأنفس محال أن يكون إلا بمشيئة الله وفيه تحريض على الجهاد وتشجيع على لقاء العدو وإعلام بأن الحذر لا ينفع وان أحدا لا يموت قبل بلوغ أجله وإن خاض المهالك واقتحم المعارك كتابا مصدر مؤكد لأن المعنى


الصفحة التالية
Icon