المائدة ٨٣ - ٨٦
وهم سبعون رجلا حين قرأ عليهم سورة يس فبكوا تفيض من الدمع تمتلئ من الدمع حتى تفيض لأن الفيض أن يمتلئ الإناء أو غيره حتى يطلع ما فيه من جوانبه فوضع الفيض الذى هو من الامتلاء موضع الامتلاء أو قصدت المبالغة فى وصفهم بالبكاء فجعلت أعينهم كأنها تفيض بأنفسها أى تسيل من أجل البكاء ومن فى مما عرفوا لابتداء الغاية على أن فيض الدمع ابتدأ ونشأ من معرفة الحق وكان من أجله ومن فى من الحق لتبيين الموصول الذى هو ما عرفوا أو للتبعيض على أنهم عرفوا بعض الحق فأبكاهم فكيف إذا عرفوا كله وقرءوا القرآن وأحاطوا بالسنة يقولون حال من ضمير الفاعل فى عرفوا ربنا آمنا بمحمد صلى الله عليه و سلم والمراد إنشاء الإيمان والدخول فيه فاكتبنا مع الشاهدين مع أمة محمد عليه السلام الذين هم شهداء على سائر الامم يوم القيامة لتكونوا شهداء على الناس وقالوا ذلك لأنهم وجدوا ذكرهم فى الإنجيل كذلك وما لنا ألا نؤمن بالله إنكار واستبعاد لانتفاء الإيمان مع قيام موجبه وهو الطمع فى انعام الله عليهم بصحبة الصالحين وقيل لما رجعوا إلى قومهم لا موهم فاجابوهم بذلك وما لنا مبتدأ وخبر ولا نؤمن حال أى غير مؤمنين كقولك مالك قائما وما جاءنا وبما جاءنا من الحق عنى محمدا عليه السلام والقرآن ونطمع حال من ضمير الفاعل فى نؤمن والتقدير ونحن نطمع أن يدخلنا ربنا الجنة مع القوم الصالحين الأنبياء والمؤمنين فأثابهم الله بما قالوا أى بقولهم ربنا آمنا وتصديقهم لذلك جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين وفيه دليل على أن الإقرار داخل فى الإيمان كما هو مذهب الفقهاء وتعلقت الكرامية فى أن الإيمان مجرد القول بقوله بما قالوا لكن الثناء بفيض الدمع فى السباق والإحسان فى السياق يدفع ذلك وأنى يكون مجرد القول إيمانا وقد قال الله تعالى ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين نفى الإيمان عنهم مع قولهم آمنا بالله لعدم التصديق بالقلب وقال أهل المعرفة الموجود منهم ثلاثة اشياء البكاء على الجفاء والدعاء على العطاء والرضا بالقضاء فمن ادعى المعرفة ولم يكن فيه هذه الثلاثة فليس بصادق فى دعواه والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم هذا أثر الرد فى حق الأعداء والأول أثر القبول للأولياء ونزل فى جماعة من الصحابة رضى الله عنهم حلفوا أن يترهبوا ويلبسوا المسوح ويقوموا الليل ويصوموا