الأنعام ٥٦ - ٥٩
فصلنا ذلك التفصيل قل إنى نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله أى صرفت وزجرت بأدلة العقل والسمع عن عبادة ما تعبدون من دون الله قل لا أتبع أهواءكم أى لا أجرى فى طريقتكم التى سلكتموها فى دينكم من اتباع الهوى دون اتباع الدليل وهو بيان للسبب الذى منه وقعوا فى الضلال قد ضللت إذا أى أن اتبعت أهواءكم فانا ضال وما انا من المهتدين وما أنا من المهتدين فى شيء يعنى أنكم كذلك ولما نفى أن يكون الهوى متبعا نبه على ما يجب اتباعه بقوله قل إنى على بينة من ربى أى إنى من معرفة ربى و أنه لا معبود سواه على حجة واضحة وكذبتم به حيث أشركتم به غيره وقيل على بينة من ربى على حجة من جهة ربى وهو القرآن وكذبتم به بالبينة وذكر الضمير على تأويل البرهان أو البيان أو القرآن ثم عقبه بما دل على أنهم أحقاء بأن يعاقبوا بالعذاب فقال ما عندى ما تستعجلون به يعنى العذاب الذى استعجلوه فى قولهم فأمطر علينا حجارة من السماء إن الحكم إلا لله فى تأخير عذابكم يقص الحق حجازى وعاصم أى يتبع الحق والحكمة فيما يحكم به ويقدره من قص آثره الباقون بقص الحق فى كل ما يقضى من التأخير والتعجيل فالحق أى القضاء الحق صفة لمصدر يقضى وقوله وهو خير الفاصلين أى القاضين بالقضاء الحق إذ الفصل هو القضاء وسقوط الياء من الخط لاتباع اللفظ لالتقاء الساكنين قل لو أن عندى أى فى قدرتى وأمكانى ما تستعجلون به من العذاب لقضى الأمر بينى وبينكم لأهلكتكم عاجلا غضبا لربى والله أعلم بالظالمين فهو ينزل عليكم العذاب فى وقت يعلم أنه أردع وعنده مفتاح الغيب لا يعلمها إلا هو المفاتح جمع مفتح وهو المفتاح وهىخزائن العذاب والرزق أو ما غاب عن العباد من الثواب والعقاب والآجال والاحوال جعل للغيب مفاتح على طريق الاستعارة لأن المفاتح يتوصل بها إلى ما فى الخزائن المستوثق منها بالإغلاق والإقفال ومن علم مفاتحها وكيفية فتحها توصل اليها فأراد أنه هو المتوصل إلى المغيبات وحده لا يتوصل اليها غيره كمن عنده مفاتح أقفال المخازن ويعلم فتحها فهو المتوصل إلى ما فى المخازن قيل عنده مفاتح الغيب وعندك مفاتح الغيب فمن آمن بغيبه أسبل الله الستر على عيبه يعلم ما فى البر من النبات والدواب والبحر من الحيوان والجواهر وغيرهما وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ما للنفى ومن للاستغراق أى يعلم عددها