الأنعام ٧٤ - ٧٨
وهى لا تستحق الإلهية إنى أراك وقومك فى ضلال مبين وكذلك أى وكما أريناه قبح الشرك نرى إبراهيم ملكوت السموات و الأرض أى نرى بصيرته لطائف خلق السموات و الأرض ونرى حكاية حال ماضية والملكوت أبلغ من الملك لأن الواو والتاء تزادان للمبالغة قال مجاهد فرجت له السموات السبع فنظر إلى ما فيهن حتى انتهى نظره إلى العرش وفرجت له الأرضون السبع حتى نظر إلى ما فيهن وليكون من الموقنين فعلنا ذلك أو ليستدل وليكون من الموقنين عيانا كما أيقن بيانا فلما جن عليه الليل أى أظلم وهو عطف على قال إبراهيم لأبيه وقوله وكذلك نرى إبراهيم جملة اعتراضية بين المعطوف والمعطوف عليه رأى كوكبا أى الزهرة أو المشترى وكان أبوه وقومه يعبدون الأصنام والشمس والقمر والكواكب فأراد أن ينبههم على الخطأ فى دينهم و أن يرشدهم إلى طريق النظر والاستدلال ويعرفهم أن النظر الصحيح مؤد إلى أن شيئا منها ليس بإله لقيام دليل الحدوث فيها و لأن لها محدثا أحدثها ومدبرا دبر طلوعها وأفولها وانتقالها ومسيرها وسائر أحوالها فلما رأى الكوكب الذى كانوا يعبدونه قال هذا ربى أى قال لهم هذا ربى فى زعمكم أو المراد أهذا استهزاء بهم وانكارا عليهم والعرب تكتفى عن حرف الاستفهام بنغمة الصوت والصحيح أن هذا قول من ينصف خصمه مع علمه أنه مبطل فيحكى قوله كما هو غير متعصب لمذهبه لأنه ادعى إلى الحق وأنجى من الشغب ثم يكر عليه بعد حكايته فيبطله بالحجة فلما أفل غاب قال لا أحب الآفلين أى لا أحب عبادة الأرباب المتغيرين عن حال إلى حال لأن ذلك من صفات الأجسام فلما رأى القمر بازغا مبتدئا فى الطلوع قال هذا ربى فلما أفل قال لئن لم يهدنى ربى لأكونن من القوم الظالين نبه قومه على أن من اتخذ القمر إلها فهو ضال و إنما احتج عليهم بالأفول دون البزوع وكلاهما انتقال من حال إلى حال لأن الاحتجاج به أظهر لأنه انتقال مع خفاء واحتجاج فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربى وامنا ذكره لأنه أراد الطالع أو لأنه جعل المبتدا مثل الخبر لانهما شيء واحد معنى وفيه صيانة الرب عن شبهة التأنيث ولهذا قالوا فى صفات الله تعالى علام ولم يقولوا علامة وان كان الثانى أبلغ تقاديا من علامة التأنيث هذا أكبر من باب استعمال الصفة أيضا مع خصومه فلما أفلت قال يا قوم إنى برئ مما تشركون من الاجرام التى تجعلونها