الأنعام ٩٤ - ٩٧
وتركتم ما خولناكم ملكناكم وراء ظهوركم ولم تحتملوا منه نقيرا وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء فى استعبادكم لقد تقطع بينكم وصلكم عن الزجاج والبين الوصل والهجر قال... فوالله لولا البين لم يكن الهوى... ولولا الهوى ما حن للبين آلف...
بينكم مدنى وعلى وحفص أى وقع التقطع بينكم وصل عنكم وضاع وبطل ما كنتم تزعمون أنها شفعاؤكم عند الله إن الله فالق الحب والنوى بالنبات والشجر أى فلق الحب عن السنبلة والنواة عن النخلة والقلق الشق وعن مجاهد أراد الشقين اللذين فى النواة والحنطة يخرج الحى من الميت النبات الغض النامى من الحب اليابس ومخرج الميت من الحى الحب اليابس من النبات النامى أو الإنسان من النطفة والنطفة من الانسان أو المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن فاحتج الله عليهم بما يشاهدونه من خلقه لأنهم أنكروا البعث فاعلمهم أنه الذى خلق هذه الأشياء فهو يقدر على بعثهم و إنما قال ومخرج الميت بلفظ اسم الفاعل لأنه معطوف على فالق الحب لا على الفعل ويخرج الحى من الميت موقعه موقع الجملة المبينة لقوله فالق الحب والنوى لأن فلق الحب والنوى بالنبات والشجر الناميين من جنس اخراج الحى من الميت لأن النامى فى حكم الحيوان دليله قوله ويحيى الأرض بعد موتها دلكم الله ذلكم المحيى والمميت هو الله الذى تحق له الربوبية لا الاصنام فأنى تؤفكون فكيف تصرفون عنه وعن توليه إلى غيره بعد وضوح الأمر بما ذكرنا فالق الاصباح هو مصدر سمى به الصبح أى شاق عمودا صبح عن سواد الليل أو خالق نورالنهار وجاعل الليل وجعل الليل كوفى لأن اسم الفاعل الذى قبله بمعنى المضى فلما كان فالق بمعنى فلق عطف عليه جعل لتوافقهما معنى سكنا مسكونا فيه من قوله لتسكنوا فيه أى ليسكن فيه الخلق عن كد المعيشة إلى نوم الغفلة أو عن وحشة الخلق إلى الأنس بالحق والشمس والقمر انتصبا باضمار فعل يدل عليه جاعل الليل أى وجعل الشمس والقمر حسبانا أى جعلهما على حسبان لأن حساب الأوقات يعلم بدورهما وسيرهما والحسبان بالضم مصدر حسب كما أن الحسبان بالكسر مصدر حسب ذلك إشارة إلى جعلهما حسبانا أى ذلك التسيير بالحساب المعلوم تقدير العزيز الذى قهرهما وسخرهما العليم بتدبيرهما وتدويرهما وهو الذى جعل لكم النجوم خلقها لتهتدوا بها فى ظلمات البر والبحر أى فى ظلمات الليل