البقرة ٢٩ - ٣١
منه السموات وأمسك الفهر فى موضعها وبسط منها الأرض فذلك قوله تعالى كانتا رتقا وهو الالتزاق وهو بكل شيء عليم فمن ثم خلقهن خلقا مستويا محكما من غير تفاوت مع خلق ما فى الأرض على حسب حاجات اهلها ومنافعهم وهو وأخواته مدنى غير ورش وهو هو و أبو عمرو وعلى جعلوا الواو كأنها من نفس الكلمة فصار بمنزلة عضد وهم يقولون فى عضد عضد بالسكون لما خلق الله تعالى الأرض أسكن فيها الجن وأسكن فى السماء الملائكة فأفسدت الجن فى الأرض فبعث اليهم طائفة من الملائكة فطردتهم إلى جزائر البحار ورءوس الجبال وأقاموا مكانهم فأمر نبيه عليه السلام أن يذكر قصتهم فقال و إذ قال ربك للملائكة إذ نصب باضمار اذكر والملائكة جمع ملاك كالشمائل جمع شمأل والحاق التاء بتأنيث الجمع إنى جاعل أى مصير من جعل الذى له مفعولان وهما فى الأرض خليفة وهو من يخلف غيره فعيله بمعنى فاعلة وزيدت الهاء للمبالغة والمعنى خليفة منكم لأنهم كانوا سكان الأرض فخلقهم فيها آدم وذريته ولم يقل خلاف أو خلفاء لأنه اريد بالخليفة آدم واستغنى بذكره عن ذكر بنيه كما تستغنى بذكر ابى القبيلة فى قولك مضر وهاشم أو اريد من يخلفكم أو خلفا يخلفكم فوحد لذلك أو خليفة منى لأن آدم كان خليفة الله فى أرضه وكذلك كل نبى قال الله تعالى يا داود إنا جعلناك خليفة فى الأرض و إنما أخبرهم بذلك ليسألوا ذلك السؤال ويجابوا بما أجيبوا به فيعرفوا حكمته فى استخلافهم قبل كونهم أو ليعلم عباده المشاورة فى امورهم قبل أن يقدموا عليها و إن كان هو بعلمه وحكمته البالغة غنيا عن المشاورة قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها تعجب من أن يستخلف مكان أهل الطاعة أهل المعصية وهو الحكيم الذى لا يجهل و إنما عرفوا ذلك باخبار من الله تعالى أو من جهة اللوح أو قاسوا احد الثقلين على الآخر ويسفك الدماء أى يصب والواو فى ونحن نسبح للحال كما تقول أتحسن إلى فلان و أنا أحق منه بالإحسان بحمدك فى موضع الحال أى نسبح حامدين لك ومتلبسين بحمدك كقوله تعالى وقد دخلوا بالكفر أى دخلوا كافرين ونقدس لك ونطهر أنفسنا لك وقيل التسبيح والتقديس تبعيد الله من السوء من سبح فى الأرض وقدس فيها إذا ذهب فيها و أبعد قال إنى أعلم ما لا تعلمون أي اعلم من الحكم فى ذلك ما هو خفى عليكم يعنى يكون فيهم الأنبساء و الأولياء والعلماء وما بمعنى الذى وهو مفعول أعلم والعائد محذوف أى مالا تعلمونه إنى حجازى و أبو عمرو وعلم آدم هو اسم أعجمى وأقرب أمره أن يكون على فاعل كآزر واشتقاقهم آدم من أديم الأرض أو من الأدمة كاشتقاقهم يعقوب من العقب وإدريس من الدرس وإبليس من


الصفحة التالية
Icon