البقرة ٥٣ - ٥٥
تشكروا النعمة فى العفو عنكم وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان يعنى الجامع بين كونه كتابا منزلا وفرقانا يفرق بين الحق والباطل وهو التوراة ونظيره رأيت الغيث والليث تريد الرجل الجامع بين الجود والجراءة أو التوراة والبرهان الفارق بين الكفر والايمان من العصا واليد وغيرهما من الآيات أو الشرع الفارق بين الحلال والحرام وقيل الفرقان انفلاق البحر أو النصر الذى فرق بينه وبين عدوه لعلكم تهتدون لكي تهتدوا و إذ قال موسى لقومه للذين عبدوا العجل يا قوم إنكم ظلمتم انفسكم باتخاذكم العجل معبودا فتوبوا إلى بارئكم هو الذى خلق الخلق بريئا من التفاوت وفيه تقريع لما كان منهم من ترك عبادة العالم الحكيم الذى برأهم ابرياء من التفاوت إلى عبادة البقر الذى هو مثل فى الغباوة والبلادة فاقتلوا أنفسكم قيل هو على الظاهر وهو البخع وقيل معناه قتل بعضهم بعضا وقيل امر من لم يعبد العجل أن يقتلوا العبدة فقتل سبعون ألفا ذلكم التوبة والقتل خير لكم عند بارئكم من الاصرار على المعصية فتاب عليكم إنه هو التواب المفضال بقبول التوبة و إن كثرت الرحيم يعفوا الحوبة و إن كبرت والفاء الأولى للتسبيب لأن الظلم سبب التوبة والثانية للتعقيب لأن المعنى فاعزموا على التوبة فاقتلوا أنفسكم إذ الله تعالى جعل توبتهم قتل أنفسهم والثالثة متعلقة بشرط محذوف كأنه قال فان فعلتم فقد تاب عليكم وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة عيانا وانتصابها على المصدر كما تنصب القرفصاء بفعل الجلوس أو على الحال من نرى أى ذوى جهرة فأخذتكم الصاعقة أى الموت قيل هى نار جاءت من السماء فأحرقتهم روى أن السبعين الذين كانوا مع موسى عليه السلام عند الانطلاق إلى الجبل قالوا له نحن لم نعبد العجل كما عبده هؤلاء فأرنا الله جهرة فقال موسى سألته ذلك فأباه على فقالوا إنك رأيت الله تعالى فلن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فبعث الله عليهم صاعقة فأحرقتهم وتعلقت المعتزلة بهذه الآية فى نفى الرؤية لأنه لو كان جائز الرؤية لما عذبوا بسؤال ما هو جائز الثبوت قلنا إنما عوقبوا بكفرهم لأن قولهم إنك رأيت الله فلن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة كفر منهم ولأنهم امتنعوا عن الإيمان بموسى بعد ظهور معجزته حتى يروا ربهم جهرة و الإيمان بالأنبياء واجب بعد ظهور معجزاتهم ولا يجوز اقتراح الآيات عليهم و لانهم لم يسألوا سؤال استرشاد بل سؤال تعنت وعناد


الصفحة التالية
Icon