التوبة ١١٧ - ١٢٠
النبى صلى الله عليه و سلم والمهاجرين والانصار الذين اتبعوه فى ساعة العسرة فى غزوة تبوك ومعناه فى وقتها والساعة مستعملة فى معنى الزمان المطلق وكانوا فى عسرة من الظهر يعتقب العشرة على بعير واحد ومن الزاد تزودوا التمر المدود والشعير المسوس والاهالة الزنخة وبلغت بهم الشدة حتى اقتسم التمرة اثنان وربما مصها الجماعة ليشربوا عليها الماء ومن الماء حتى نحروا الابل وعصروا كرشها وشربوه فى شدة زمان من حمارة القيظ ومن الجدب والقحط من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم عن الثبات على الإيمان أو عن اتباع الرسول فى تلك الغزوة والخروج معه وفى كاد ضمير الشأن والجملة بعده فى موضع النصب وهو كقولهم ليس خلق الله مثله أى ليس الشأن خلق الله مثله يزيغ حمزة وحفص ثم تاب عليهم تكرير للتوكيد إنه بهم رءوف رحيم وعلى الثلاثة أى وتاب على الثلاثة وهم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية وهو عطف على النبى الذين خلفوا عن الغزو حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت برحبها أى مع سعتها وهو مثل للحيرة فى أمرهم كأنهم لا يجدون فيها مكانا يقرون فيه قلقا وجزعا وضاقت عليهم أنفسهم أى قلوبهم لا يسعها أنس ولا سرور لانها خرجت من فرط الوحشية والغم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا اليه وعلموا أن لا ملجا من سخط الله إلا إلى استغفارة ثم تاب عليهم بعد خمسين يوما ليتوبوا ليكونوا من جملة التبوابين إن الله هو التواب الرحيم عن أبى بكر الوراق أنه قال التوبة النصوح أن تضيق على التائب الأرض بما رحبت وتضيق عليه نفسه كتوبة هؤلاء الثلاثة يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين فى إيمانهم دون المنافقين أو مع الذين لم يتخلفوا أو مع الذين صدقوا فى دين الله نية وقولا وعملا و الآية تدل على أن الإجماع حجة لأنه أمر بالكون مع الصادقين فلزم قبول قولهم ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفواعن رسول الله المراد بهذا النفى النهى وخص هؤلاء بالذكر و إن استوى كل الناس فى ذلك لقربهم منه ولا يخفى عليهم خروجه ولا يرغبوا ولا أن يضنوا بأنفسهم