يونس ٣٧ - ٣٩
الظن وترك الحق وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله أى افتراء من دون الله والمعنى وما صح وما استقام أن يكون مثله فى علو امره واعجازه مفترى ولكن كان تصديق الذى بين يديه وهو ما تقدمه من الكتب المنزلة وتفصيل الكتاب وتبيين ما كتب وفرض من الاحكام والشرائع من قوله كتاب الله عليكم لا ريب فيه من رب العالمين داخل فى حيز الاستدراك كأنه قال ولكن كان تصديقا وتفصيلا منتفيا عنه الريب كائنا من رب العالمين ويجوز أن يراد ولكن كان تصديقا من رب العالمين وتفصيلا منه لا ريب فى ذلك فيكون من رب العالمين متعلقا بتصديق وتفصيل ويكون لا ريب فيه اعتراضا كما تقول زيد لا شك فيه كريم أم يقولون افتراه بل أيقولون اختلقه قل إن كان الأمر كما تزعمون فأتوا أنتم على وجه الافترءا بسورة مثله أى شبيهة به فى البلاغة وحسن النظم فأنتم مثلى فى العربية وادعوا من استطعتم من دون الله أى وادعوا من دون الله من استطعتم من خلقه للاستعانة به على الاتيان بمثله إن كنتم صادقين أنه افتراه بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تاويله بل سارعوا إلى التكذيب بالقرآن فى بديهة السمع قبل أن يفقهوه ويعلموا كنه امره وقبل أن يتدبروه ويقفوا على تاويله ومعانيه وذلك لفرط نفورهم عما يخالف دينهم وشرادهم عن مفارقة دين آبائهم ومعنى التوقع فى ولما ياتهم تاويله أنهم كذبوا به على البديهة قبل التدبر ومعرفة التأويل تقليدا للآباء وكذبوه بعد التدبر تمردا وعنادا فذمهم بالتسرع إلى التكذيب قبل العلم به وجاء بكلمة التوقع ليؤذن أنهم علموا بعد علو شانه واعجازه لما كرر عليهم التحدى وجربوا قواهم فى المعارضة وعرفوا عجزهم عن مثله فكذبوا به بغيا وحسدا كذلك مثل ذلك التكذيب كذب الذين من قبلهم يعنى كفار الأمم الماضية كذبوا رسلهم قبل النظر فى معجزاتهم وقبل تدبرها عنادا وتقليدا للآباء ويجوز أن يكون معنى ولما ياتهم تأويله ولم يأتهم بعد تأويل ما فيه من الاخبار بالغيوب أى عاقبته حتى يتبين لهم اهو كذب أم صدق يعنى أنه كتاب معجز من جهتين من جهة اعجاز نظمه ومن جهة ما فيه من الاخبار بالغيوب فتسرعوا إلى التكذيب به قبل أن ينظروا فى نظمه وبلوغه حد الاعجاز وقبل أن يجربوا اخباره بالمغيبات