يوسف ٥٠ - ٥٣
كنت مكانه ما أخبرتهم حتى أشترط أن يخرجونى ولقد عجبت منه حين اتاه الرسول فقال ارجع إلى ربك ولو كنت مكانه ولبثت فى السجن ما لبث لأسرعت الإجابة وبادرت الباب ولما ابتغيت العذر إن كان لحليما ذا اناة ومن كرمه وحسن أدبه أنه لم يذكر سيدته مع ما صنعت به وتسببت فيه من السجن والعذاب واقتصر على ذكر المقطعات أيديهن إن ربى بكيدهن عليم أى إن كيدهن عظيم لا يعلمه إلا الله وهو مجازيهن عليه فرجع الرسول إلى الملك من عند يوسف برسالته فدعا الملك النسوة المقطعات أيديهن ودعا امرأة العزير ثم قال لهن ما خطبكن ما شأنكن إذ راودتن يوسف عن نفسه هل وجدتن منه ميلا اليكن قلن حاشا لله تعجبا من قدرته على خلق عفيف مثله ما علمنا عليه من سوء من ذنب قالت امرأت العزير الآن حصحص الحق ظهر واستقر أنا روادته عن نفسه و إنه لمن الصادقين فى قوله هى روادتنى عن نفسى ولا مزيد على شهادتهن له للبرءاة والنزاهة واعترافهن على انفسهن بانه لم يتعلق بشيء مما قذف به ثم رجع الرسول إلى يوسف واخبره بكلام النسوة وإقرار امرأة العزيز وشهادتها على نفسها فقال يوسف ذلك أى امتناعى من الخروج والتثبت لظهور البرءاة ليعلم العزيز أنى لم أخنه بالغيب بظهور الغيب فى حرمته وبالغيب حال ٨من الفاعل أو المفعول على معنى و أنا غائب عنه أو وهو غائب عنى أو ليعلم الملك إنى لم أخن العزيز و أن الله أى وليعلم أن الله لا يهدى كيد الخائنين لا يسدده و كأنه تعريض بامراته في خيانتها امانة زوجها ثم اراد ان يتواضع لله ويهضم نفسه لئلا يكون لها مزكيا وليبين ان ما فيه من الأمانة بتوفيق الله وعصمته فقال وما أبرئ نفسى من الزلل وما أشهد لها بالبراءة الكلية ولا ازكيها فى عموم الأحوال أو فى هذه الحادثة لما ذكرنا من الهم الذى هو الخطرة البشرية لاعن طريق القصد والعزم إن النفس لأمارة بالسوء أراد الجنس أى ان هذا الجنس يأمر بالسوء ويحمل عليه لما فيه من الشهوات إلا ما رحم ربى إلا البعض الذى رحمه ربى بالعصمة ويجوز أن يكون ما رحم فى معنى الزمان أى إلا وقت رحمة ربى يعنى أنها أمارة بالسوء فى كل وقت إلا وقت العصمة أو هو استثناء منقطع أى ولكن رحمة ربى هى التى تصرف الاساءة وقيل هو من كلام امرأة العزيز أى ذلك الذى قلت ليعلم يوسف إنى لم أخنه ولم اكذب عليه فى حال الغيبة وجئت بالصدق فيما سئلت عنه وما أبرئ نفسى مع ذلك من الخيانة فإنى قد خنته حين قذفته وقلت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن